اليوم الثلاثاء 18 مارس 2025م
وزارة الصحة في قطاع غزة تدعو المجتمع الدولي إلى توفير مستشفيات ميدانية عاجلةالكوفية مراسل الكوفية: سلسلة انفجارات تهز قطاع غزةالكوفية قوات الاحتلال تقتحم بلدة سنجل شمال رام اللهالكوفية الغزيين بين مطرقة إسرائيل وسندان الأسعار الجنونية في الأسواقالكوفية غزة تحت وطأة الخوف والقلق من عودة العدوان الإسرائيليالكوفية صيام: دماء الفلسطينيين باتت ورقة في أيدي السياسيين الإسرائيليين لخدمة أجنداتهمالكوفية بعد تحقيق مطلبه باستئناف العدوان على غزة.. بن غفير يعود إلى حكومة نتنياهوالكوفية الدم الفلسطيني.. غزة تدفع ثمن بقاء نتنياهو على رأس الحكومة الإسرائيليةالكوفية المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي: حماس اختارت الحرب ورفضت تمديد وقف إطلاق النارالكوفية خلافات في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بشأن الهجوم على غزةالكوفية تقرير أممي يكشف تصاعد وتيرة الاستيطان الإسرائيلي بالضفة خلال العام الماضيالكوفية الجزائر تدين بشدة استئناف العدوان الإسرائيلي على غزةالكوفية 18 عملا مقاوما في الضفة والقدس خلال 24 ساعةالكوفية ترامب وبوتين يتفقان على وقف إطلاق نار فوري لمدة 30 يوما في أوكرانياالكوفية وزير الخارجية البريطاني: الخسائر البشرية في غزة "مروعة"الكوفية سوريا: طيران الاحتلال يشن غارة جوية على ريف حمص الجنوبي الشرقيالكوفية موقع عبري: ترامب في مأزق مشابه لـ بايدن بشأن حرب غزةالكوفية الرئيس المصري وأمير الكويت يحذران من مساع مبيتة لجعل قطاع غزة غير قابل للحياةالكوفية سلطات الاحتلال تهدم بركسين وغرفة لخلايا الطاقة الشمسية غرب أريحاالكوفية "اليونيسف": إسرائيل قتلت 130 طفل فلسطيني خلال يوم واحدالكوفية

في ذكرى استشهادها الـ42..

خاص بالفيديو|| الفدائية "دلال المغربي".. عندما تتحول الحافلة إلى جمهورية مستقلة

10:10 - 11 مارس - 2020
الكوفية:

كتب – علي أبو عرمانة: "لأول مرة في تاريخ الثورات تصبح إحدى حافلات النقل المشترك جمهورية مستقلة كاملة السيادة لمدة 4 ساعات، لا يهم أبدا كم دامت هذه الجمهورية الفلسطينية المهم أنها تأسست وكانت أول رئيسة جمهورية لها اسمها دلال المغربي".

إنها الشهيدة "دلال المغربي" المناضلة الفلسطينية الشابة التي لقبت بـ"عروس يافا"، قادت عملية خطف حافلة جنود إسرائيليين عام 1978، مما أدى إلى مقتل أكثر من ثلاثين إسرائيليا، واستشهدت في العملية برفقة مقاومين آخرين.

ولدت دلال المغربي عام 1958 في أحد مخيمات بيروت، وهي ابنة لأسرة من يافا لجأت إلى لبنان في أعقاب النكبة عام 1948، تلقت دراستها الابتدائية والإعدادية في مدرستين تابعتين لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين في العاصمة اللبنانية بيروت.

على خط الثورة

عرفت دلال منذ طفولتها بحماسها الثوري والوطني، والتحقت بالحركة الفدائية الفلسطينية وهي على مقاعد الدراسة، وانضمت إلى حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وشاركت عام 1973 في الدفاع عن الثورة الفلسطينية ببيروت.

تلقت العديد من الدورات العسكرية ودروس في حرب العصابات، تدربت خلالها على أنواع مختلفة من الأسلحة، وعرفت خلال اجتيازها هذه الدورات بجرأتها وشجاعتها وحسها والوطني الرفيع وإخلاصها لفلسطين ولحركة فتح، كما تطوعت بصفة ممرضة في الهلال الأحمر مثل والدها.

كان لاغتيال القادة الفتحاويين الثلاثة؛ كمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار على أيدي قوات الاحتلال عام 1973 أثرا سيئا على دلال، وترك ما كانت تتعرض له المخيمات الفلسطينية من عدوان مستمر ومقيت، شعورا في داخلها بالمرارة والغيظ، ناهيك عن البؤس الذي كانت تعيشه أسرتها شأن سواد قاطني المخيمات، نتيجة هجرتهم القسرية التي ما كانت لتحدث لولا الاحتلال الإسرائيلي لبلدها فلسطين، فراودتها كغيرها من رفاقها في الأسى من سكان المخيمات مشاعر سلبية جياشة ولدت تصميما على الإتيان بأمر تطفئ معه غليلها.

في العام 1975 تمَّت خطبة دلال لمناضل فلسطيني كان الحب الوحيد في حياتها، وقد أحبَّته لأنه كان مناضلاً ويتمتع بأخلاق حميدة، ولكنها آثرت حب فلسطين على حبها، ورغم أن خطيبها كان وطنياً إلا أنه عارض مشاركتها في القتال مع الكتيبة الطلابية، ففسخت الخطوبة.

استطاعت دلال أن تحظى برتبة "ملازم" ، بعدما أنهت دورات تدريبية عام 1977، ثم ذهبت إلى كتيبة الشهيد أبو يوسف النجّار، وهي كتيبة العمليات الخاصة ضد الاحتلال الإسرائيلي .

كان عام 1978 عاما سيئا على الثورة الفلسطينية، إذ تعرضت لعدة ضربات وفشلت لها عدة عمليات عسكرية وتعرضت مخيماتها في لبنان إلى مذابح وأصبح هناك ضرورة ملحة للقيام بعملية نوعية وجريئة لضرب الاحتلال  في قلب عاصمته، فكانت "عملية كمال عدوان".

فرقة دير ياسين

خطط الرجل الثاني في حركة فتح، الشهيد القائد خليل الوزير، لعملية إنزال على الشاطئ الفلسطيني والسيطرة على حافلة عسكرية والتوجه إلى تل أبيب لمهاجمة مبنى الكنيست.

شكل "أبو جهاد" فرقة دير ياسين، التي تكونت من اثنا عشر شخصا بقيادة بنت العشرين عاما دلال المغربي، وبدأت الفرقة في خوض تدريبات عسكرية منهكة ، وقرّرت القيادة العسكرية الفلسطينية تحديد يوم السبت 9/3/1978 موعدًا للعملية.

واثق الخطوة يمشي ملكا

"واثق الخطوة يمشي ملكا".. كانت آخر الكلمات التي خطتها الشهيدة دلال المغربي على حائط غرفتها داخل المعسكر التدريبي في العاصمة بيروت، وذلك قبل ساعات من بدء العملية الفدائية.

في صباح 11/3/1978 نزلت دلال مع فرقتها من قارب كان يمر أمام الساحل الفلسطيني واستقلت المجموعة قاربين، ونجحت عملية الإنزال والوصول، دون أن يتمكن الإسرائيليون من اكتشافها لغياب تقييمهم الصحيح لجرأة الفلسطينيين.

نجحت دلال وفرقتها في الوصول نحو تل أبيب، نزل الفدائيون إلى الشارع العام واستولوا على عدد من السيارات كان آخرها سيارة ركاب كبيرة اتجهوا بها مع رهائن كثر نحو تل أبيب.

وقالت دلال للرهائن، "نحن لا نريد قتلكم، نحن نحتجزكم فقط كرهائن لنخلص إخواننا المعتقلين في سجون دولتكم المزعومة من براثن الأسر"، ثم أخرجت من حقيبتها علم فلسطين وعلقته داخل الحافلة وهي تردد "بلادي.. بلادي لك حبي وفؤادي، فلسطين يا أرض الجدود إليك لا بد أن نعود".

موعد مع الشهادة

كانت دلال وفرقتها تطلق النار خلال الرحلة، على جميع السيارات العسكرية التي تمر بقربها، مما أوقع مئات القتلى والجرحى في صفوف جنود الاحتلال، خاصة وأن الطريق الذي سارت فيه دلال كانت تستخدمه السيارات العسكرية لنقل الجنود من المستوطنات في الضواحي إلى العاصمة تل أبيب.

بعد ساعتين من النزول على الشاطيء وبسبب كثرة الإصابات في صفوف الجنود وبعد أن أصبحت دلال على مشارف تل أبيب، كلفت حكومة الاحتلال فرقة خاصة من الجيش يقودها باراك بإيقاف الحافلة وقتل واعتقال ركابها من الفدائيين، وقامت وحدات كبيرة من الدبابات وطائرات الهليوكوبتر بملاحقة الباص إلى أن تم إيقافه وتعطيله قرب هرتسليا.

اندلعت حرب حقيقية بين مجموعة دلال وقوات الاحتلال، حيث فجرت دلال الباص بركابه الجنود فقتلوا جميعهم وقد سقط في العملية العشرات من الجنود المهاجمين، ولما فرغت الذخيرة من دلال وفرقتها أمر باراك بحصد الجميع بالرشاشات فاستشهدوا كلهم، جاء بعدها باراك وجثى عند جثة دلال، ولم يصدق أنّ فتاةً استطاعت أن تذعر الجيش الإسرائيلي وتدب في قلبه الرعب.

واعترف رئيس وزراء الاحتلال آنذاك، مناحيم بيغن، في اليوم الثاني للعملية بمقتل 37 من الإسرائيليين وأكثر من ثمانين جريحا، لكنه لم يفصح عن عدد القتلى في صفوف الجيش.

وصيتي لكم إن كنت لم أعود

"وصيتي لكم أيها الإخوة، حملة البنادق، تبدأ بتجميد التناقضات الثانوية وتصعيد التناقض الرئيسي ضد العدو الصهيوني، وتوجيه البنادق، كل البنادق نحو العدو الصهيوني، فاستقلالية القرار الفلسطيني تحميه بنادق الثوار المستمرة، لكل الفصائل أقولها، لإخواني جميعاً أينما تواجدوا، الاستمرار بنفس الطريق الذي سلكناه".. ما أروعها من كلمات تلك التي خطتها الشهيدة دلال المغربي وهي لم تتجاوز سن العشرين عاما في وصيتها، داعية الفصائل الفلسطينية للتسلح بالوحدة الوطنية والاستمرار في قتال الاحتلال.

يقول سعيد المغربي، شقيق دلال، "بعد استشهادها أحضر بعض الإخوة من المعسكر حيث كانت تتدرب أغراضاً تخصها ووجدنا بداخلها رسالة كانت قد كتبتها قبل توجهها لتنفيذ العملية، تقول فيها، "أبي ما أصعب الكتابة عنك وإليك، وهبتني العطاء والتضحية والإخلاص للأرض، فكنت كفؤاً لذلك، لن أكتب عنك أكثر، بالنسبة لأمي لن أكتب عنها شيئاً لأنني إن فعلت فإن معنوياتي ستتحطم، حضرت إلى البيت صباح الخميس، وكان نزولي لأراك ولكن كان حظي زفت، لم أودعك ولم أرك يا أبي، ولكن تأكد مهما غبت تأكد بأنني موجودة معك، وأعيش معكم، لا تذرف دمعاً كثيراً، فقد صرت بنتاً للبلاد".

جمهورية دلال المغربي

اثنا عشر رجلا بقيادة امرأة اسمها دلال المغربي تمكنوا من تأسيس فلسطين بعدما رفض العالم أن يعترف لهم بحق تأسيسها، ركبوا باصا متجها من حيفا إلى تل أبيب وحولوه إلى عاصمة مؤقتة لدولة فلسطين رفعوا العلم الأبيض والأخضر والأحمر والأسود على مقدمة الباص وهزجوا وهتفوا ورقصوا كما يفعل طلاب المدارس في الرحلات المدرسية .

وحين طوقتهم القوات الصهيونية ولاحقتهم طائرات الهيلوكبتر وأرادت أن تستولي بقوة السلاح على الباص فجروه وانفجروا معه، ولأول مرة في تاريخ الثورات يصبح باص النقل المشترك جمهورية مستقلة كاملة السيادة لمدة أربع ساعات.

لا يهم أبدا كم دامت هذه الجمهورية الفلسطينية، المهم أنها تأسست وكانت أول رئيسة جمهورية لها اسمها دلال المغربي.

البطولة لا جنس لها فليفهم الرجال العرب أنهم لا يحتكرون مجد الحياة ولا مجد الموت و أن المرأة يمكن أن تعشق أنبل بكثير مما يعشقون و تموت أروع بكثير مما يموتون و حين قررت دلال المغربي أن تمارس أمومتها الحقيقية ذهبت إلى فلسطين مثلما فعلت مريم بنت عمران وهناك على الأرض الطيبة التي أنبتت القمح والزيتون والأنبياء أسندت ظهرها إلى جذع نخلة فتساقطت عليها رطبا فأكلت وشربت وقرت عينا وحلمت بأن عصافير الجليل الأعلى تحط عليها وهي في لحظة المخاض.

ولو بعد خمسمائة عام سيزور الفلسطينيون قبر أمهم الذي تناثر عليه أزهار البرتقال، وبعد ألف سنة سيقرأ الأطفال العرب الحكاية التالية، "إنه في اليوم الحادي عشر من شهر مارس/آذار 1978 تمكن اثنا عشر رجلا وامرأة من تأسيس جمهورية لفلسطين في داخل حافلة ودامت جمهوريتهم أربع ساعات، لا يهم أبدا كم دامت هذه الجمهورية المهم أنها تأسست".

 

 

 

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق