- 4 شهداء ومصابون جراء قصف طائرة مروحية للاحتلال خيمة في شارع عابدين غرب خانيونس
- استشهاد المواطن عدي عادل القاطرني برصاص الاحتلال خلال اقتحام مخيم العين غرب نابلس واحتجاز جثمانه
- طائرات الاحتلال المروحية تقصف خيمة نازحين في شارع عابدين غرب خانيونس
ميرفت عبد القادر: من الصعب، بدء حديث مع فلسطيني عنونت المجازر والحروب اسمه، ليدفع ثمن كونه فلسطيني، بفقدان عائلته بأكملها، ليمسي يتيم الوطن والأهل معًا، ليجيبك عن سؤال من أنت بغصة الفقد، أنا مجهول الهوية، أنا ابن المخيم، فقدت عائلتي على مذبح مجزرة صبرا وشاتيلا، لأجد نفسي أنا والناجين من الموت المحقق هناك، في بيت يضم العشرات مثلي، لا يعرفون أسماءهم ولا هوياتهم، ليطل علينا قائد بكوفية سمراء وزي عسكري، نجد فيه صورة الأب الحاني، ليمنحنا شرف ووسام أن نحمل اسمه، بالتبني، ليسطع قلب هذا الثائر الإنسان بالعطاء والحب والكرم اللامحدود ليكون لنا أبًا حانيًا، وقائدًا وقدوة، فنصبح "أبناء ياسر عرفات "، ونوسم بـ"أبناء الصمود".
من هم أبناء الصمود
هم مجموعة من أبناء الشهداء الذين تبناهم الرئيس ياسر عرفات، ممن فقدوا عوائلهم بالكامل في مخيم صبرا وشاتيلا، الذي حاصرته قوات الاحتلال الإسرائيلي، في السادس عشر من سبتمبر/أيلول 1982 في لبنان على مدى ثلاثة أيام بقيادة وزير الحرب الجزار أرئيل شارون ورافائيل ايتان، لترتكب مجزرة شنيعة، وتتبع أساليب دموية وبعيداعن وسائل الإعلام، بحق المخيم البالغ عدد سكانه نحو عشرين ألف فلسطيني وهم مجموعات من العوائل وتقتل مابين 3500 و5000 بالفؤوس والمطارق والسلاح الأبيض والحجارة والأسلحة التقليدية من مسدسات وبنادق سريعة الطلقات، لتجتث المخيم عن بكرة أبيه.
ميلاد كتب بالدم لناجين صغار لا يعرفون غير ياسر عرفات أبًا لهم
خرجت القوات الفلسطينية، برئاسة ياسر عرفات لتغادر لبنان متجهة إلى تونس، ليمسك أبو عمار، بيد صغاره الناجيين الذين لا يتذكرون من طفولتهم غيره، إلى مكان أكثر أمنا لتبدأ القصص والحكايات لأبناء ياسر بالتبني ويطلق عليهم "أبناء الصمود" ويعيش 75 طفلًا كإخوة في بيت واحد يسمونه بيت الصمود.
من اسم مجهول إلى ابن قائد الثورة الفلسطينية.. "هيثم ياسر عرفات"
يقول هيثم ياسر عرفات، الذي تفتحت عيناه على الدنيا، ليرى ياسر عرفات الوجه الأول الذي يحتضنه ويقبله، بعد أن أمسى يتيمًا باستشهاد والده وعائلته، الذي لا يعرف عنهم شيئا على الإطلاق، في تصريح لـ"الكوفية"، "أفخر بأنني ابن ياسر عرفات، وأحمل اسمه، هذا الأب الذي جئت إلى العالم ولا أعرف أبا غيره"
يغمر هيثم نشوة الفخر ليحدثنا قائلا، "كلنا كنا أولاده ويعاملنا بكل الحب، لم نشعر أننا أيتام، كان ينام إلى جانبنا في تونس، في بيتنا بيت الصمود، و كان يزورنا باستمرار وفي كل المناسبات، ويقضي رمضان والعيد معنا".
يتابع هيثم بشغف، "كان أبو عمار كل حياتنا، وكنا أبناؤه ليس اسما فقط، بل كان يتحمل مسؤوليتنا جميعا، ولا يتوقف عن السؤال عنا للاطمئنان على حالنا، وحين نمرض على الفور يأتي لنا بالأدوية".
يصف هيثم، أباه ياسر عرفات عن قرب "لم نشعر للحظة بأنه رئيس، دوما كنا نشعر أنه والدنا، يتعامل معنا بكل الحب والعطف، يصطحبنا معه حين يسافر، كان يشاركنا كل الظروف ويقضي معنا الإجازة، وعند انشغاله يرسل لنا أحد الإخوة من مكتبه للاطمئنان علينا لكي لا ينقصنا شيء في غيابه".
العودة إلى غزة
يسرد هيثم تفاصيل رحلتهم، مع الأب الذي اينما ذهب هم أولوياته، "حين عاد أبو عمار إلى غزة جئنا معه، وحينها وفر لي ولإخوتي من أبناء الصمود وظائف لنعمل بها وبيتا حتى يطمئن على استقرار أوضاعنا ويؤمن لنا حياتنا، فقد تم توظيفي في جهاز الشرطة الفلسطينية".
هيثم يطلق اسم "ياسر عرفات" على نجله
يخبرنا هيثم "لم ننسى أبا عمار يومًا وفضلت أن اسمي ابني باسمه، ليبقى حاضرًا في ذاكرتي، وأحدث أبنائي عن أبو عمار وكل حكاياتنا معه، وحين يرون صوره يشيرون إلي بـ(هي أبوك) كما عرفته دوما لهم بأنه أبي".
استشهاد الأب ياسر عرفات
استوقفت العبرات هيثم، أثناء حديثه فور سماعه لخبر الاستشهاد، حيث حزن كثيرًا وشعر ألّا حياة بعده، قائلًا "كان لدي دوام يومها خرجت للشوارع مع الناس لنطلق الرصاص في السماء حدادًا على روح ياسر عرفات وتعبيرًا عن حزننا على استشهاد القائد".
"هيثم ياسر عرفات "ما بين غياب الأب وتبدل ظروف الوطن وتخاذل السلطة
تراوح هيثم الأمنيات المستحيلة، تارة يتمنى عودة زمن ياسر عرفات، وتارة يتمنى لو ينظر أبو عمار خلفه ليرى ما يحدث به وبفلسطين وغزة من بعده، لا حياة لنا بعد أبو عمار وكل شي مات، مضيفًا "لا أحد يهتم بنا بعده، لا أبو مازن ولا السلطة، وأرسلنا عدة كتابات للنظر إلينا كأبناء أبو عمار، لكن لم يلتفت أحد إلينا كما كان يهتم بنا أبو عمار".
ينهي هيثم بحزن، لم يعد لدي حديث عن أبوعمار "خلص الكلام".
أب للجميع
لم يكن ياسر عرفات أبًا لابنته زهوة، فحسب بل كان أبا لكل فلسطيني، في الضفة وغزة والمخيمات والشتات وفي كل بقعة من بقاع الأرض، أبًا لكل الشعب الفلسطيني أينما تواجد على الكرة الأرضية، ولم ينقطع عنهم أبدًا، إلى حين استشهاده.
اليوم أغلق بيت الصمود، بعد أن كبر الأطفال وأصبحوا رجالا ونساء وتزوجوا ولكنهم لم ينسوا أبدا أباهم الشهيد الراحل ياسر عرفات خاصة في ذكرى استشهاده.