- الدفاع المدني: تمكنت طواقمنا من انتشال شهيد من منطقة الأكواخ على شاطئ بحر رفح
لا يجب إغفال الأهمية الاستثنائية عالميا، لمتابعة المشهد الانتخابي الأمريكي، والذي قد لا يكون مسبوقا، وغير متوقعا، وفقا لأرقام الاستطلاعات، التي يبدو أنها الأكثر خسارة مع "منجمي وسائل الإعلام"، وانتظار الرئيس رقم 47 للولايات المتحدة، رغم أنه لم يكن أبدا متوقعا فوزا ساحقا وبلا أي تأجيل لأيام، مع سيطرة حمراء كاملة على الكونغرس بغرفتيه، مع حكام الولايات.
فوز ترامب المفاجئ، وخسارة المرشحة النسوية الثانية في التاريخ الأميركي لمنصب الرئيس أمامه بعد هيلاري كلينتون، يضع علامة فارقة حول "المخزون الظلامي" في الثقافة الذكورية للإنسان الأمريكي، أي كانت "الذرائعية" لفقدان فرصة دخول الولايات المتحدة عصرا جديدا، رغم أن الرئيس الأمريكي بايدن، وتردده والأداء السيئ جدا خلال مرحلة السباق، مع سياسة خارجية لم يراها المواطن فاعلة، كانت من أسباب هامة لعدم "التغيير الجنسوي" لمنصب الرئيس.
وسريعا، دخلت القضية الفلسطينية والصراع في الشرق الأوسط، والموقف من حربي لبنان وقطاع غزة، والمشروع التهويدي العام (في فلسطين والبعد التوسعي لإسرائيل في المنطقة) الاهتمام السياسي لنتائج الانتخابات، خاصة والرئيس الفائز ترامب لديه سابقة سياسية هي الأكثر سوادا لواشنطن نحو فلسطين، خطة تدميرية للكيانية الوطنية، كسر ثابت أمريكي فيما يتعلق بالقدس غربا وشرقا، وقطف ثمار "تطبيع" معاكسا لشرطية مبادرة السلام العربية 2003.
ولكن، لا يجب أن تكون تلك السابقة السياسية السوداء، هي المحرك للموقف الفلسطيني العام، رسمية وقوى، بل الأهمية تتطلب الانطلاق نحو صياغة رؤية سياسية واضحة، تحدد المسار القادم، بعيدا عن "الخوف المسكون" من رد فعل على فعل لم يتم فعله، وخاصة أن ورقة "اليهود" في المصير الانتخابي سقطت تماما، وكانت غالبية ساحقة بما يقارب الـ 77% من يهود أميركا اختاروا المرشحة كامالا هاريس، وكذا التبرعات، مقابل انحياز غالبية عربية فلسطينية ومسلمين لعدم الذهاب التصويت أو التصويت للمرأة التي نالت بموقفها دعما جيل ستاين، والبعض اختار ترامب رغم كل ما عليه سوادا.
رحلة الانطلاقة السياسية، تبدأ من قبل الرسمية الفلسطينية، ودون انتظار يناير القادم تولي الرئيس ترامب رسميا، من خلال العمل الفوري بإحياء حركية "السداسي العربي"، ليكون صاحب التفاوض حول الرؤية الشاملة التي سبق أن تم عرضها، مع ما يمكن أن تحتاج "تحديثا" وفق التطورات اللاحقة.
ويتطلب ذلك أولا، العمل على إزالة "شوائب سياسية" أصابت عمل "السداسي" بعطب أدى لعدم استمرارية فعله، وخاصة بعدما رفضت الإدارة الأمريكية عبر وزير خارجيتها بلينكن "الرؤية السياسية الخاصة"، وتجاهلها رغم الوزن العربي الكبير لدولها، في موقف كان كفيلا برد فعل مختلف، وهو لم يحدث، وبروز "توترات جانبية" بين بعض أطراف السداسي، فبدأت حركة التفاعل "الثنائي" مع الإدارة الأمريكية، ما أصاب الرؤية السداسية بضرر كبير.
ليس خافيا ابدا، أن العربية السعودية تمثل هدفا مركزيا لإدارة ترامب في المرحلة المقبلة، ارتباطا بوزنها العام ومكانتها الاقتصادية - الأمنية، لكن القيمة الخاصة لمكانتها في العهد الترامبي الجديد يرتبط بشكل مباشر بمسألة تطبيع العلاقة بينها ودولة الكيان، وما يتصل بها من آثار استراتيجية، خاصة أن البعض يراها البوابة التي ستمنح دولة الكيان حضورا جديدا في المنطقة، لتصبح دولة ذات تأثير إقليمي، وتحقيق هدف "إسرائيل الموسعة" دون حروب أو احتلال آخر.
لا يمكن تجاهل مكانة دولة الكيان في المنظومة الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، وتبقى إلى زمن هي العامود الأساس لها، لكنها لم تعد "العامود الفقري" كما كانت في الزمن السابق، مع التطورات الدولية – الإقليمية الجديدة، ما سيكون له تأثير تاريخي على المصالح الأمريكي.
معرفة الاستفادة العربية، خاصة أطراف السداسي، من تغير مكانة دولة الكيان من "عامود فقري" إلى "عامود أساسي" في السياسية الأمريكية في المنطقة، يمثل حجر الزاوية في صياغة رؤية "المصالح مقابل المصالح"، بعيدا عن الشعارات التي يرددها البعض زورا، فلم تعد "المبادئ والقانون" هي الناظم لحل الصراع، ولا يحتاج التدليل بحرب غزة والتهويد في الضفة والقدس ولاحقا لبنان.
بالتأكيد، ليس من السهولة تجاهل واقع "الرسمية الفلسطينية" والوهن السياسي الذي أصابها، لكن ذلك لا يمنعها أبدا، من العمل الفوري، بطلب تشكيل "فريق خاص" من أطراف السداسي العربي، وبالتنسيق مع رئاسة القمة والأمانة العامة لجامعة الدول العربية، لوضخ خطة التحرك العامة للمرحلة المقبلة، لا ترتبط بالعمل اللحظي، بل رؤية شمولية لمختلف مكونات الصراع، وآليات الوصول إلى ذلك، مستفيدة من تجربة ترامب السابقة، والاهتمام الكبير بمعادلة تحالف السياسة مع المال، التي أعاد تفعليها إيلون ماسك.
المرحلة الجديدة تتطلب "رؤية جديدة" منطلقة من التغيير الكبير في المشهد العالمي، بأن أمريكا ليست هي أمريكا في العهد السابق، ومصالحها في المنطقة لم تعد مضمونة بشكل تقليدي، وإسرائيل ليست عامودها الفقري، بوجود روسي صيني بشكل جديد.