غزة: يوافق اليوم الإثنين، انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة في منتصف أغسطس/ آب عام 2005، وذلك بعد احتلال دام 38 عامًا، إلا أنّها لا تزال تمارس بحقه أبشع حصار عرفه التاريخ فيما تواصل اعتداءاتها برًّا وبحرًا وجوًّا بين حينٍ وآخر.
ففي ساعات الصباح الأولي ليوم 15 سبتمبر/ أيلول 2005، عمت أجواء الفرحة في أوساط المواطنين الفلسطينيين، وخاصة داخل قطاع غزة، بعدما بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي سحب قواتها العسكرية بعد أيام من إخلاء مستعمراتها في القطاع البالغ عددها 26 مستعمرة.
لم يأت صباح اليوم التالي إلا وكانت جميع قوات الاحتلال الإسرائيلي قد خرجت من قطاع غزة، لتتحول بعد ذلك المناطق المخلاة على يد المواطنين إلى مزارات يصعب أن يجد أي زائر قدم له فيها، بعد أن خرج الجميع صغير قبل الكبير لرؤية المناطق التي كانت شاهدة يومًا ما على القتل والدمار والخراب الذي عمه الاحتلال الإسرائيلي، لتبدأ بعدها الاحتفالات لتشمل أعمال تخريب وحرق لكل شيء تركه المستوطنين والجنود الإسرائيليين.
في كل الأزقة والحواري والشوارع الرئيسية بدا القطاع مزين بالأعلام والرايات الفلسطينية فرحة بخروج الاحتلال مذلول، لما لا حيث اعتبر الشعب الفلسطيني أنه نصرًا على جيش الاحتلال بكل أسلحته الفتاكة وقواته وتكنولوجياته حتى إذا كان ذلك بدون إطلاق أي رصاصة.
هذا الانسحاب أطلق عليه الاحتلال خطة فك الارتباط الأحادية الإسرائيلية، ورغم أن خطة الانسحاب جاءت بعد التصويت عليها بالكنيست بعد القراءة الثالثة في 16 فبراير 2005 بأغلبية 59 مؤيد أمام 40 معارض و5 امتنعوا عن التصويت، إلا إنها عبرت عن انتكاسة إسرائيلية كبيرة حيث اعُتبر الاحتلال غير قادر على السيطرة بكل قواته وأسلحته على القطاع وأنه يمثل تهديد قوى على له، لاسيما وأن هذه الخطة كانت مخالفة لوعود أرئيل شارون قبل انتخابه والتي كان يعد فيها باستكمال خططه الاستيطانية بقطاع غزة.
ولكن في مخالفة واضحة لوعوده بادر رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون بنفسه بقيادة خطة الانسحاب، والتي كان يسكن قبلها 8.600 إسرائيلي بالقطاع، لتخلي قوات الاحتلال مستوطناتها ومعسكراتها العسكرية من القطاع وأربع مستوطنات أخرى متفرقة في شمال الضفة الغربية، منتشرة بعد ذلك على الشريط الحدودي مع قطاع غزة.
وأصبح قطاع غزة على مدار نحو 16 عامًا من الحصار منطقة منكوبة، مثقلة باقتصاد متهالك وتقليص حاد للمواد والبضائع التي تعد بمئات الأصناف يمنع دخولها إلى القطاع، وعقب انسحابها من القطاع أغلقت قوات الاحتلال ثلاثة معابر أساسية كانت تدخل منها البضائع، وأبقت على معبر واحد فقط لا يستطع تلبية جميع احتياجات سكان القطاع.
وعمليًّا لا تزال دولة الاحتلال تتحكم بمصير القطاع عبر فرض حصار مشدد على معابره ومنافذه البرية والبحرية، حيث يؤكّد مراقبون فلسطينيون أنّ "إسرائيل" انتقلت من احتلال القطاع داخليًّا لتمارس ضده حصارًا خارجيًّا بشكل أبشع من الاحتلال.
وشنّت قوات الاحتلال 4 حروبٍ ضارية ضد قطاع غزة أوقعت فيها آلاف الشهداء ودمرت آلاف المنازل والمؤسسات وغيرها من الممتلكات الفلسطينية.