سلوى عمار: مشروع قانون أقرّته إحدى دول الاتحاد الأوروبي خلّف أزمة دبلوماسية كبرى. هذا هو الحال بين بولندا وإسرائيل بعدما أقرّ مجلس الشيوخ البولندي، مشروع قانون يمنع بشكل أساسي اليهود من استعادة الممتلكات التي فقدتها عائلاتهم خلال الحرب العالمية الثانية في بولندا.
وبشكل رسمي، وقّع رئيس بولندا، أندريه دودا، قانون يقيد إمكانية حصول الناجيين من "الهولوكوست" خلال الحرب العالمية الثانية على تعويضات لممتلكاتهم التي سُلبت منهم، وردت إسرائيل باتهام بولندا بمعاداة السامية.
تفاصيل القانون
القانون يحدد مهلة من 10 إلى 30 عامًا للطعن في قرارات التعويض الإدارية السابقة، وسيجعل القانون من الصعب على الناجين من المحرقة النازية، أو أبنائهم وأحفادهم الحصول على تعويضات بشأن استيلاء النازيين على ممتلكاتهم في بولندا خلال الحرب العالمية الثانية.
وتم إجراء تغييرين على القانون مقارنة بالمقترح الأصلي، فضلاً عن تمديد ثلاثة أشهر لتقديم مطالبات جديدة، وعدم تطبيق القانون على المطالبات القائمة.
وسيعاد القانون الآن إلى مجلس النواب (الغرفة السفلى للبرلمان) للتوقيع على التعديلات التي وافق عليها مجلس الشيوخ، قبل توقيع الرئيس والموافقة النهائية عليه.
وينفذ مشروع القانون، حكمًا أصدرته المحكمة الدستورية البولندية عام 2015 ويقضي بضرورة وجود موعد نهائي لا يمكن بعده الطعن بالقرارات الإدارية المنطوية، مما يقيد طلبات الاسترداد.
رد الفعل الإسرائيلي: رفض وتحذير
فور الإعلان عن التوقيع، حذر وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، بولندا من أن أفعالها تضر بشكل خطير بالعلاقات مع إسرائيل، لافتًا إلى أن اعتماد قانون الملكية البولندي سيضر بشكل خطير بعلاقات بلاده مع بولندا التي تعرف جيدًا ما هو الشيء الصحيح والمناسب الذي يجب القيام به.، وفق تعبيره.
وأعرب لابيد، عن قلقه البالغ إزاء التشريع في بولندا بشأن حقوق استعادة الممتلكات المسروقة من ضحايا الهولوكوست، مؤكداً أن كل مرحلة من مراحل القانون تمثل تطورًا خطيرًا في نظر بلاده، وأنه سيدافع بحزم عن شرف ضحايا المحرقة والحفاظ على ذكراهم وحقوقهم.
مشروع قرار البرلمان البولندي الذي تمّ إقراره في يونيو / حزيران الماضي من المتوقع أن يجعل من الصعب بدرجة أكبر على اليهود استعادة ممتلكاتهم، وهو مما أثار انتقاد لابيد الذي وصف هذه الخطوة بأنها "وصمة عار".
ولفت لابيد إلى أن إسرائيل تدرس حالياً إلغاء البيان المشترك الصادر عام 2018 الذي أعلنه رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو ورئيس الحكومة البولندي ماتيوس موروبيتش، والذي أنهي أزمة بين إسرائيل وبولندا حول "قانون المحرقة".
بدوره، انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، القانون البولندي الجديد الذي تعرض لانتقادات بسبب منع إعادة الممتلكات إلى ضحايا المحرقة النازية "الهولوكوست".
ووصف بينيت، في بيان له، القانون بأنه قرار مخزٍ، لا يمكن لإسرائيل أن تبقى غير مبالية تجاهه، موضحاً أن إسرائيل تنظر بمنتهى الجدية إلى القانون الذي يمنع اليهود من الحصول على تعويض عن الممتلكات، التي سرقت منهم، خلال الهولوكوست وتأسف لحقيقة أن بولندا اختارت استمرار إيذاء هؤلاء الذين فقدوا كل شيء.
وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية الإسرائيلية، إن التشريع قد يؤثر على ما يصل إلى 90% من طلبات الناجيين من المحرقة وأحفادهم بشأن استعادة الممتلكات.
الجانب الأمريكي يتابع عن كثب
أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، أن بلاده تتابع جهود تشريع القانون عن كثب، موضحاً أن عدد من المسؤولين في وزارة الخارجية تحدثوا حول الموضوع مع مسؤولين رسميين في بولندا خلال الساعات الأخيرة.
ووجّه برايس حديثه لحكومة بولندا، بالقول إنه يوجد الآن فرصة لإظهار الأفعال وليس الأقوال، معتبراً أن الأمر الحالي يتناقض مع القيم التي توحد التحالف بين الولايات المتحدة وبولندا.
استدعاء السفراء من الجانبين
كرد فعل على الأمر الراهن، استدعت إسرائيل، سفير بولندا للتعبير عن خيبة أملها الشديدة من مشروع قانون يقول منتقدوه إنه سيجعل من الصعب على اليهود استعادة الممتلكات التي استولى عليها النازيون خلال الحرب العالمية الثانية واحتفظ بها الحكام الشيوعيون بعد الحرب.
وقال لابيد في بيان له: "أقرّت بولندا قانونا معاديا للسامية وغير أخلاقي، ولا يحدث هذا للمرة الأولى، ولن يسافر السفير الإسرائيلي الجديد، الذي كان من المفترض أن يغادر إلى وارسو قريبا، في الوقت الحالي".
بدوره، قال نائب وزير الخارجية البولندي بافل جابلونسكي، إن وزارة الخارجية البولندية استدعت بدورها القائم بالأعمال الإسرائيلي في وارسو.
وقال زعيم حزب القانون والعدالة الحاكم في بولندا، ياروسلاف كاتشينسكي، إن بلاده غير مدينة لأحد، وذلك رداً على تعليقات إسرائيلية على قانون إعادة ممتلكات اليهود بعد الحرب العالمية الثانية.
ورفض كاتشينسكي، تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، وقال إنها "غير مقبولة"، قائلاً: "نحن من نسن قوانيننا، لسنا مدينين بشيء لأحد".، بينما رفضت وزارة الخارجية الإسرائيلية، التعليق على هذا الحديث.
أزمة أحفاد ضحايا "الهولوكوست"
يكافح الملاك السابقون وأحفادهم من أجل الحصول على تعويض من بولندا منذ سقوط الشيوعية في عام 1989، وعاشت في بولندا واحدة من أكبر الجاليات اليهودية في العالم، قبل اجتياح ألمانيا النازية بولندا، ويطالب أحفاد يهود بولندا منذ عام 1989 بإعادة أملاك أجدادهم لهم، ومنحهم التعويضات، وحتى الآن لم يحصلوا على مبتغاهم.