سلوى عمار: لم يفق بعد لبنان الجريح من أزمة انفجار مرفأ بيروت، التي لم تتكشف جميع خيوطها إلى الآن، حتى اصطدم بانفجار جديد لخزان وقود في عكار ليزيد الأزمات تعقيداً.
انفجار خزان للوقود في بلدة التليل بعكار شمالي لبنان
استفاق اللبنانيون على انفجار لخزان للوقود في بلدة التليل بعكار شمالي لبنان، فجر الأحد، مخلّفاً عشرات القتلى والمصابين بعضهم في حالة حرجة للغاية، وتم نقلهم إلى مستشفيات عكار وطرابلس.
رئيس مجلس إدارة مستشفى خلف الحبتور في بلدة حرار في عكار، قال إن عددا من الجثث وجدت في المكان في ساعات الصباح الأولى، وأن هناك جثث متفحمة من الصعب التعرف على أصحابها.
بدوره، قال مدير مستشفى السلام في مدينة طرابلس، غبريال سبع، إنه يصعب التعرف على الجثث المتفحمة والحروق التي أصيب بها الجرحى فهي من أقوى الدرجات، وقد توفي أكثر من جريح بعد وصوله إلى المستشفى، والجرحى لا يزالون يصلون المستشفى، مطالباً المعنيين بضرورة تأمين العلاج المتخصص بالحروق، ومادة البنج للحاجة الملحة إليها.
شهود عيان، أوضحوا أنه عندما دوى الانفجار طارت أشلاء الجثث في المكان المموه كموقع لمواد البناء، ليُكشَف الأمر لاحقا أنه صار مستودعا لتخزين البنزين والمازوت بشكل غير قانوني.
ومن ضمن الروايات المتداولة بخصوص الحادث، قال شهود عيان إن شابين من بلدة التليل هما أصحاب الخزان أحدهم يدعى جورج رشيد، وهو من عناصر التيار الوطني الحر، قدم ولاعة لأحد أبناء الجالية السورية الذي يعمل لديه والمقيم في البلدة لتهديد الموجودين إلا أن الولاعة سقطت منه أرضا، ما أثار غضب صاحب الخزان وأطلق النار من مسدسه الخاص على الخزان ولاذ بالفرار بواسطة مجموعة من الشبان قبل الانفجار بثوان قليلة.
وكشف الصليب الأحمر اللبناني، أن فرقه انتشلت 20 قتيلا و80 مصابا، حتى اللحظة، من محيط مكان انفجار خزان صهريج وقود في بلدة التليلة، ونقل المصابون إلى عدد من المستشفيات التي أطلقت نداءات استغاثة لتامين وحدات من الدم للجرحى.
وكانت طوافات للجيش اللبناني قد نقلت عددا من المصابين إلى مستشفيات بعيدة لتلقي العلاج اللازم بسبب عدم تخصص مستشفيات الشمال بمعالجة الحروق.
هذه المشاهد المؤلمة أعادت لأذهان الشعب اللبناني، مشهد تفجير مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس / آب 2020 في بلدة التليل، المحاذية لبلدة الكواشرة الحدودية مع سوريا، ولا تزال ظروف وقوع الانفجار غير واضحة حتى الساعة، بانتظار نتائج التحقيقات، والاستماع الى إفادات المصابين الناجين ممن تجمعوا حول الخزان لتعبئة البنزين من المستودع المخفي تحت ورشة بناء، وقيل إنه بالقرب من الخزان المنفجر كانت هناك خزانات أخرى مخبأة، وهي تحت سلطة نائب المنطقة في التيار الوطني الحر أسعد درغام.
الجيش اللبناني: توقيف ابن صاحب قطع الأرض محل الانفجار
أكد الجيش اللبناني، أنه تم توقيف نجل صاحب قطعة الأرض التي انفجر فيها خزان للوقود ببلدة التليل في عكار، وأدى إلى سقوط عدد من الإصابات بين مدنيين وعسكريين، لافتاً إلى أنه بوشرت التحقيقات بإشراف القضاء المختص لمعرفة ملابسات الانفجار.
وكانت عناصر ملثمة من مخابرات الجيش اللبناني قد داهمت منزل صاحب مستودعات المحروقات، والذي يقول أهالي عكار إنه يحظى بغطاء سياسي من نائب التيار الوطني الحر أسعد درغام، فيما قام الأهالي بحرق صور درغام الذي يقولون إنه كان يغطي أعمال المهرب جورج رشيد، الذي يملك خزانات الوقود التي انفجر واحد منها، واقتحم شبان منزل رشيد، صاحب مستودعات المحروقات، وحطموا الممتلكات فيه.
عون يطالب بالتحقيق في أسباب انفجار عكار
دعا الرئيس اللبناني ميشال عون إلى اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع للبحث في انفجار عكار، وطالب بالتحقيق في أسباب الانفجار، معرباً عن ألمه الشديد على ضحايا انفجار خزان المحروقات، متمنيا الشفاء العاجل للجرحى.
وقال عون إن هذه المأساة التي حلت بمنطقة عكار العزيزة أدمت قلوب جميع اللبنانيين الذين يقفون اليوم مع أبناء المنطقة في هذه المحنة التي ألمّت بهم.
هذا بعدما تابع عون تطورات الحادث الذي وقع ليلا، وطلب استنفار القوى والأجهزة الأمنية والصحية في المنطقة لمكافحة الحريق، والعمل لنقل المصابين إلى المستشفيات والمراكز الصحية، وتقديم الإسعافات لهم على حساب وزارة الصحة، كما طلب من القضاء المختص إجراء التحقيقات اللازمة لكشف الملابسات التي أدت إلى وقوع الانفجار، بينما طالب رئيس الوزراء اللبناني السابق، سعد الحريري، باستقالة رئيس الجمهورية إثر الانفجار.
من جهته، أكد الرئيس المُكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي أن ليل عكار الحزين أدمى القلوب على أبرياء سقطوا ضحية طمع من استغلوا أزمة المحروقات ليحققوا أرباحاً غير مشروعة ويحرموا الناس من أبسط حقوقهم.
بدوره، دعا وزير الصحة حمد حسن، المستشفيات لاستقبال الجرحى على نفقة الوزارة معلناً عن فتح مستودعات الوزارة لتامين أدوية الحروق والمضادات الحيوية اللازمة، معلناً أن عدد القتلى ارتفع إلى 22، فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 79 جريحا.
وناشد الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة، محمد خير، جميع الجمعيات والمنظمات الدولية العاملة في لبنان، تسليم ما توافر لديها من أدوية وأمصال ومستلزمات طبية خاصة بمعالجة الحروق من الدرجة الثانية والثالثة إلى مستشفيات عكار وطرابلس، معلناً عن اتصالات مع تركيا، ومحاولة التواصل مع مصر لنقل الحالات الخطرة إلى الخارج.
حالة غضب شعبي كبرى
تشهد البلدة كما البلدات المحيطة حالة غضب شعبية كبيرة دفعت بالعشرات إلى إحراق آليات أمام منزل الشخص الذي يتهمونه بتخزين المحروقات في أماكن سكنية قبل تهريبها، وحصلت عمليات كرّ وفرّ بين الأهالي الغاضبين والجيش في محيط المنزل وسط إصرار الأهالي على اقتحامه.
هذا في ظل ما يعانيه لبنان حالياً من نقص حاد في الوقود، فضلاً عن ما شاهدته البلاد في الأيام الأخيرة من حوادث خطف صهاريج، ما دفع الجيش اللبناني إلى الإعلان أنه سيداهم محطات الوقود والمستودعات وسيصادر أي كميات مخبأة ويوزعها على المواطنين.
ومن انفجار المرفأ إلى انفجار الصهريج تكالبت الأزمات الإنسانية والسياسية على كاهل المواطنين بلبنان وأصبحت البلاد بين مطرقة الأزمات وسندان الخذلان، فالضغوط تزداد شراسة والمسؤولين مستمرون في تخليّهم عن مهاهم بالكشف عن أيدي الفساد لقطعها من دابرها.