حدث غير مستهجن، ليس غريباً على أهل الكويت: رفع علم فلسطين، الغناء للثورة والانتفاضة، إعلان التضامن مع شعبهم الفلسطيني الشقيق، وقضيته الوطنية القومية، رداً على بيان واشنطن الثلاثي وتوجهاته وخياراته.
سبب الانحياز الكويتي، رغم عتب أغلبيتهم، على بعض الفلسطينيين على أثر كارثة الاجتياح العراقي للكويت، يوم 2/8/1990، ومع ذلك قفز الكويتيون بنبل وخيار وانحياز لفلسطين لعدة أسباب:
أولاً وفاء للتراث والتركة العميقة النبيلة التي تركها المدرسون الفلسطينيون لعشرات السنين في نفوس طلبتهم، من الكويتيين، فمارسوا النبل بالنبل الزائد والأكثر والأعمق.
ثانياً الديمقراطية والانفتاح وحرية الاختيار للكويتيين، من قبل النظام الأبوي التعددي، الذي رسخ قيم حرية الاختيار عبر البرلمان والانتخابات وحرية الصحافة التي تميز بها نظام آل الصباح، فالكويت منذ الاستقلال وهو يحفظ الكرامة واحترام حرية الرأي والاعتماد على صناديق الاقتراع في اختيار حكوماته، مما يدلل أن الديمقراطية والهوامش المفتوحة للشعوب العربية هي التي تدفع باتجاه فلسطين كقضية قومية عادلة، رفضاً للمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي كمشروع استعماري، نقيض المصالح الوطنية والقومية العربية.
ثالثاً التطرف الإسرائيلي الذي لم يتجاوب لا مع قرارات الأمم المتحدة، ولا مع مبادرة السلام العربية، ولا مع كل المحاولات الأميركية لإنهاء حالة الصراع على أساس قراري مجلس الأمن 242 و338، بل على العكس، تعمل سلطات الاحتلال على مواصلة الاستيطان والتوسع والعبرنة والأسرلة والتهويد، والاعتداءات على محرمات المقدسات الإسلامية والمسيحية، فالقدس أولى القبلتين، وثاني الحرمين، وثالث المسجدين، ومسرى سيدنا محمد ومعراجه، وقيامة السيح المسيح، وبهذا فهي جزء من العقيدة الإيمانية للمسلمين، وهذا سبب جوهري لأهل الكويت، كي يعبروا عن انحيازهم العقائدي دينياً ووطنياً وقومياً نحو فلسطين والقدس، وعدم استجابتهم لكل أطروحات التطبيع مع العدو الإسرائيلي.
رابعاً معاناة أهل الكويت بالاجتياح التعسفي عام 1990-1991، منحهم الخبرة والتجربة واستخلاص المعاناة لفهم معنى الوطن المفقود، والكرامة المنقوصة، وغياب الأمن والاستقرار، فأدركوا معاناة شعب فلسطين لعشرات السنين، فعبروا عن تضامنهم وانحيازهم لصمود شعب فلسطين، واحترام إرادته، وعدم المس بوطنه، ورفض التطبيع مع عدوه الذي يحتل أرضه ويصادر حقوقه، وينتهك كرامته.
أهل الكويت بمبادرتهم المقدمة، سيتلوها مبادرات، وسيعقبها مظاهر التضامن من قبل الشعوب العربية من عُمان حتى موريتانيا، كما فعل أهل السودان حينما تظاهروا واحتجوا على لقاء رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان مع رئيس حكومة المستعمرة نتنياهو في أوغندا يوم 3/2/2020.
الشعوب العربية، ما زالت مشاعرها كامنة بسبب الحروب البينية العربية، وفاجعة الكورونا، والإعلام الموجه، ولكنها لن تصمت على سلوك العدو الوطني والقومي والديني وتطاوله اليومي على القدس والأقصى، وعلى حقوق الشعب العربي الفلسطيني، واستمرار احتلاله لفلسطين والجولان وجنوب لبنان.