خاص: على مساحة تقترب من 6 آلاف متر، يقف مبنى آيا صوفيا، وسط الضفة الأوروبية لمدينة إسطنبول، حائرًا بين هُويتين متنازع عليهما ومصير مجهول، بعد صدور حكم قضائي الأسبوع الماضي يقضي بتحويله إلى مسجد.
آيا صوفيا، المبنى التاريخي الشاهد على 1500 عامٍ من الأحداث التي مرت بها تركيا، احتل موقعا مرموقا كدار عبادة للمسيحيين والمسلمين على حد سواء، علاوة على إدراجه بقائمة التراث العالمي لمنظمة "اليونسكو".
آيا صوفيا".. كلمة يونانية تعني "الحكمة الإلهية"، ويطل المبنى الضخم الذي تأسس عامَ 537 للميلاد، في عهدِ الإمبراطور البيزنطي جستنيان، على ميناء القرنِ الذهبي ومدخل البوسفور، وظل مركزا للأرثوذكسية وأكبر كنيسة في العالم لقرون عِدّة.
وفي القرن 13 سقط المبنى من السيادة البيزنطية ليقع في قبضة الصليبيين، حتى جاء الفتح الإسلامي ليحوله السلطان محمد الفاتح إلى مسجد، بعد أن أجرى عليه عدة تعديلات شملت إقامة 4 مآذن، وتغطية الرموز المسيحية وقِطَع الفسيفساءِ المذهبةِ، ووضْع لوحات ضخمة تتزين بأسماء الله الحسنى واسم النبي محمد والخلفاء الراشدين بأحرفٍ عربية.
وفي عام 1934، حوّل مصطفى كمال أتاتورك أول رئيس جمهوريةٍ لتركيا، "آيا صوفيا" إلى مُتحفٍ، يزوره الآن ملايين السياحِ.
وعلى مدارِ الأعوام الـ15الأخيرة، تعالت الأصوات المطالِبَة بإعادة "آيا صوفيا" إلى مسجد، لكن حاكم تركيا رجب طيب أردوغان لم يلق لها بالًا، ولم تجد الدعوات لديه آذانا صاغية، ذلك أنه كان يسعى إلى الانضمام للاتحادِ الأوروبي، وبحسبة سياسي بسيطة كان يدرك أن تحويل المُتحف إلى مسجد قد يمثل حجرَ عثْرة في طريقه إلى أوروبا.
الآن.. وقد اقتربت الانتخابات الرئاسيةُ في تركيا، وتعددت حلقات مسلسل الفشل الذي يلاحق أردوغان على عدة أصعدة، لم يعد أمامه سوى محاولة صنع إنجازٍ، ولو كان مزيفًا، ليكون ركيزةً له أمام ناخبيه الذين فقدوا الثقةَ في أردوغان وحزبه الحاكم.
44% من الأتراك، يدركون جيدًا أن قضية آيا صوفيا هي لعبة سياسية ومحاولة أردوغانية لصرف انتباه الناخبين عن المشاكل الاقتصادية، وفشله المتواصل داخليًا وخارجيًا.