أن تبرر حماس موافقتها بإقامة "مشفى" أمريكي في قطاع غزة ببعد إنساني، فتلك هي المهزلة الكبرى، ولا يمكن تمرير تلك سوى لمن صادروا عقولهم، حيث ان "المشفى" هو جزء معلوم جدا من المنظومة الأمنية الأمريكية، خاصة في آخر مهامه بالجولان المحتل، وخدمته لتقديم المسعدات "الإنسانية
لقوى الإرهاب السورية في الجولان.
قيادات حمساوية، أعلنت انهم لو "اكتشفوا" أن المشفى يقوم بعمل "مشبوه"، سيتم التراجع عنه فورا، مع ان تلك مقولة تضيف على المهزلة مهزلة أخرى، فما نشرته وكالة "رويترز" يوم الثلاثاء ديسمبر 2019، عما بدأت هيئة المشفى القيام به، (الترويج بالسياحة للعاملين المتطوعين الأجانب للسياحة داخل إسرائيل)، يمثل رسالة صريحة وليس غامضة، بأن وظيفة المشفى سياسية) - أمنية بامتياز.
التقرير المنشور لوكالة بريطانية، عرف عنها تاريخيا، أنها لخدمة "الأمن القومي البريطاني"، كما هي الإذاعة المعروفة بي بي سي، ولذا يصعب على قيادة حماس ان تتهرب من المنشور، وتعتبره من جهة معادية او كارهة لأمريكا، أو حاسدة لعلاقتها المستقبلية معها.
لو حقا، كانوا أوفياء لما وعدوا به، من التخلي عن المشفى، فيجب الطلب من الجهة التي أدخلته، ترحيله فورا، والخروج بلا عودة ليس لجهة المشفى فقط، بل لكل جهة ترتبط به، من جمعية "خيرية" الى جهات سياسية، كونها تفتح ثغرة أمنية في جدار قطاع غزة، تخدم جهات "معادية"، افتراضا ان أمريكا وأدواتها الأمنية تعبر كذلك من وجهة نظر حركة حماس.
تجاهل دور المشفى، الذي لم يعد سريا، سيكون رسالة سياسية واضحة، بأن حماس لا تقيم وزنا لكل الشكوك الوطنية، وأنها ماضية بفتح المشفى، باعتباره "بابا دوارا" لفتح علاقة مع أمريكا، كما تبشر بذلك شخصيات حمساوية، وخطوة على طريق نيل الاعتراف الأمريكي بسلطة حماس في قطاع غزة، وإن كان مؤقتا بشكل "غير مباشر".
المفارقة، أن بناء المشفى التجسسي في قطاع غزة، لم يكن ضمن شروط واضحة حول دوره ومهامه وجهاته، ولماذا أمريكا والأمن الإسرائيلي هما من قرر مكانه، بعيدا عن سكان أهل القطاع، وأٌقرب الى أول نقطة عبور مع الكيان الإسرائيلي، فلو كان البعد الإنساني هو الفيصل له، لكان موقعه في قلب منطقة سكنية، لكن اختبار الموقع جاء ضمن "شروط أمنية" لخدمة موقف سياسي وليس إنساني.
هل يمثل "المشفى" أول "بعثة ديبلوماسية – أمنية" بين حماس أمريكا، ولنسج علاقات عبر بوابة "طبية"، خاصة وأن تاريخ التجسس الأمريكي يبدأ عبر نشاطات غير حكومية ومساعدات "خيرية"، ولا يمكن نسيان دور المنظمة الأشهر "يو اس أيد" في ذلك.
من مصلحة حماس وقياداتها أولا، ومصلحة الشعب الفلسطيني ان تعلن حماس كل ما يتصل بـ "المشفى"، وغير ذلك سنكون امام أول "بعثة أمريكية" فوق "إمارة غزة".
هل بدأت رحلة "حماس الى أمريكا" عبر باب "خيري" تلك هي المسألة!
ملاحظة: كم هو مثير للغرابة أن تتواصل هواتف "العزاء" و"الاطمئنان" على الحالة الصحية بين الرئيس محمود عباس وقيادات من حماس، فيما تنكسر عند أي شي له علاقة بصحة "بقايا الوطن" وقضيته الكبرى!
تنويه خاص: قرار البرلمان الفرنسي لتجريم "معاداة الصهيونية"، تمثل فضيحة سياسية جديدة للديبلوماسية الرسمية والشعبية الفلسطينية، بعد ان كانت الصهيونية شكلا من اشكال العنصرية باتت عكسها...ضوء أحمر جدا مضاف لـ "شرعنة" المشروع التهويدي"!