تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على مدينة طولكرم ومخيم نور شمس لليوم الـ39 على التوالي، ولليوم الـ26 على مخيم نور شمس، وسط تعزيزات عسكرية مكثفة، وعمليات هدم واسعة، وتدمير ممنهج للبنية التحتية، مما فاقم معاناة السكان، خاصة بعد فرض حصار خانق على المنطقة.
هدمٌ وتهجير قسري وسط صمت دولي
مع ساعات الصباح الأولى، شرعت جرافات الاحتلال بهدم عدد من المنازل والمباني السكنية في حارة المنشية بمخيم نور شمس، وذلك بعد أن أخطرت قوات الاحتلال يوم أمس بهدم 17 منزلًا، في خطوة تهدف إلى شق طريق جديد وتغيير المعالم الجغرافية للمخيم. وتعود ملكية هذه المنازل لعائلات: حمد، وعليان، واعمر، وشهاب، وشلبي، ويونس، وغنام، ومشارقة، وعلاجمة، وأبو شعلة، وسعايدة.
يقول أبو محمد (55 عامًا)، أحد سكان المخيم للكوفية:
"أعطونا ساعتين فقط لإخلاء بيوتنا، بالكاد تمكنا من إخراج بعض الأغراض، لكنهم كانوا يطلقون النار ويمنعوننا من الدخول بحرية.. كأنهم يريدون أن يسرقوا منا كل شيء حتى ذكرياتنا!"
منذ بداية العدوان، تحول مخيم نور شمس إلى ساحة حرب، حيث اقتحمت قوات الاحتلال المنازل، وفجّرت الأبواب، وأجبرت العائلات على النزوح القسري. بعض هذه المنازل حُوّلت إلى ثكنات عسكرية للقناصة، فيما تعرّضت العديد من المحلات التجارية للهدم والتفجير والحرق.
يقول محمد السعدي (40 عامًا) في حديثه لنا، وهو صاحب محل تجاري دُمّر بالكامل:
"في لحظة، خسرنا كل شيء.. عمري كله ذهب تحت أنقاض هذا المحل. الاحتلال لا يكتفي بقتلنا، بل يريد أن يمسح أثر حياتنا بالكامل."
حصار خانق على مخيم طولكرم.. معاناة بلا نهاية
في مخيم طولكرم، فرضت قوات الاحتلال حصارًا مشددًا، ومنعت الدخول والخروج منه، ونشرت دوريات راجلة في الأزقة، بينما داهمت المنازل الفارغة، وخرّبت محتوياتها، وأجبرت السكان على المغادرة.
تروي أم حسن (60 عامًا)، وهي من سكان المخيم:
"اقتحموا البيت في منتصف الليل، جعلونا نخرج بملابس النوم، لم يسمحوا لي بأخذ أي شيء، حتى دوائي.. ابني مريض، ولا أعرف كيف سأرعاه الآن وسط هذا الدمار."
استقدمت قوات الاحتلال مدرعات وصهاريج وقود، وتمركزت أمام المباني السكنية المستولى عليها في شارع نابلس الرابط بين مخيمي طولكرم ونور شمس، مما زاد من صعوبة تنقل المواطنين. كما استولت على منازل في ضاحيتي ذنابة وعزبة الجراد، وأجبرت سكانها على مغادرتها بالقوة، وحوّلتها لمواقع عسكرية.
يقول خليل (33 عامًا)، وهو أحد السكان الذين أجبروا على مغادرة منزله:
"أخذوا بيتنا وحوّلوه إلى قاعدة عسكرية، طردونا بلا رحمة، وكأننا غرباء في أرضنا.. إلى متى سنعيش هذا الظلم؟"
خسائر بشرية ومأساة إنسانية مستمرة
وأسفر العدوان المتواصل على طولكرم ومخيميها عن استشهاد 13 فلسطينيًا، بينهم طفل ومواطنتان، إحداهما حامل في شهرها الثامن، إضافة إلى إصابة واعتقال العشرات، ونزوح قسري لأكثر من 9,000 نازح من مخيم نور شمس، و12,000 نازح من مخيم طولكرم.