تل أبيب: انطلقت، في السابعة صباح اليوم الثلاثاء، بتوقيت القدس المحتلة، عمليات التصويت في خامس انتخابات للكنيست، خلال أربع سنوات، في انتخابات يحاول من خلالها رئيس الوزراء السابق في حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، العودة للسلطة عبر سباق من المرجح أن يسفر عن صعود حزب يميني متطرف، ليصبح صاحب الكلمة العليا في تشكيل الحكومة المقبلة في إسرائيل.
وأشارت تقارير إعلامية، إلى أن "انتخابات الكنيست المقبلة خُصصت لها موازنة من قبل لجنة الانتخابات المركزية بمقدار 538 مليون شيقل، منها 153 مليون شيقل لأجور العاملين في يوم الانتخابات.
وبعد سنوات من الجمود، قد يؤثر سخط الناخبين إزاء الجمود السياسي سلبا على نسبة المشاركة في التصويت، لكن التأييد المتنامي لتكتل الصهيونية الدينية، القومي المتشدد وزعيمه المشارك إيتمار بن غفير أضفى حماسا على السباق.
لا جديد في الوضع الفلسطيني
يأتي ذلك، وسط تأكيدات محللين وخبراء في الشأن الإسرائيلي، بأن نتائج انتخابات الكنيست المُزمع إجراؤها بعد أيام قليلة لن تغيّر من واقع الفلسطينيين أو سياسات الاحتلال تجاه القضية الفلسطينية.
وشدد رامي الشقرة رئيس معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية، على أهمية متابعة نتائج الانتخابات الإسرائيلية المقبلة لما لها من أثر مباشر على القضية الفلسطينية في ضوء الأزمة السياسية العاصفة في الكيان والتوقع بعدم قدرة أيٍّ من الأحزاب الإسرائيلية على حسم نتائج الانتخابات، وتحقيق استقرار سياسي.
وأشار إلى ضرورة الاستفادة من تشرذم الأحزاب الإسرائيلية في تعزيز الواقع الفلسطيني.
منافسة وائتلافات
وبدوره أكد سعيد بشارات رئيس تحرير شبكة الهدهد والمختص في الشأن الإسرائيلي، اتساع الشرخ السياسي في المجتمع الإسرائيلي، في ظل تصاعد كبير لليمين المتطرف، والتي أوضحتها استطلاعات الرأي الإسرائيلية الأخيرة التي منحت عضو الكنيست المتطرف ايتمار بن غفير 15 مقعدًا في الكنيست المقبل بعد مشهد استخدامه مسدسه الشخصي في إرهاب المقدسيين ودعوته لطرد الفلسطينيين من حي الشيخ جراح في القدس بقوة السلاح.
وفي ذات السياق أشار ناجي البطة المختص في الشأن الإسرائيلي، إلى أن تآكل الأحزاب الإسرائيلية وتحول المنافسة إلى معسكرات ائتلافية هو مثال واضح على تآكل المجتمع الإسرائيلي.
السلام الاقتصادي.. وسيلة للتصفية
ومن جانبه أكد عماد أبو رحمة مستشار مركز مسارات، أن نتائج الانتخابات الإسرائيلية لن تغير من سياسة الاحتلال تجاه القضية الفلسطينية، فكافة الأحزاب الإسرائيلية باتت ترى في السلام الاقتصادي وسيلة لتصفية القضية الفلسطينية، وتسعى بكل ثقلها للإبقاء على حالة الانقسام الفلسطيني كي تتذرع بعدم وجود شريك فلسطيني يمكن التفاوض معه على حل القضية الفلسطينية.
وفي سياق متصل توقع حسن عبدو المختص في الشأن الإسرائيلي، أن يتصاعد الواقع الميداني في الضفة الفلسطينية، خاصة مع توقعات بصعود اليمين المتطرف في انتخابات الكنيست المقبلة، والذي يعد إيتمار بن غفير أحد رموزه، مطالبًا الفلسطينيين بضرورة التوحد وتصعيد المقاومة بكافة أشكالها، والعمل على إيجاد بيئة طاردة للتمدد الاستيطاني في الضفة أسوة بما حدث في غزة قبل عقدين من الزمن، ونتج عنه فشل المخططات الاستيطانية للاحتلال، وتفكيك مستوطناته في غزة.
صعود بن غفير يعقّد الأوضاع
وفي ذات السياق، أكد الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف، أن فوز اليمين المتطرف الذي يمثله إيتمار بن غفير سيؤدي إلى تصاعد المقاومة الفلسطينية في الضفة الفلسطينية المحتلة.
وطالب الباحث في معهد فلسطين ربيع أبو حطب، بضرورة التوافق الفلسطيني على رؤية وطنية موحدة التي اعتبرها وسيلة مهمة لمواجهة مخططات الاحتلال وإفراغ المشروع الصهيوني من مضمونه.
من جهته، قال الكاتب الصحفي، سليمان أبو إرشيد، إن "عرب الداخل المحتل محبطون في مواجهة انتخابات الكنيست".
وأضاف في مقابلة على قناة «الكوفية»، أن "نسبة التصويت منخفضة، لا تتجاوز 50%، لأن الانتخابات تجرى في برلمان دولة الاحتلال"، لافتًا إلى عدم الثقة في الكنيست، والأحزاب العربية المتنافسة بسبب تفكير القائمة المشتركة التي علق الكثيرون عليها الآمال.
فساد نتنياهو
ويحاكم نتنياهو، وهو صاحب أطول فترة رئاسة وزراء في إسرائيل، بتهم فساد، ولا تزال التوقعات تشير إلى أن حزبه اليميني «ليكود» سيخرج من الانتخابات بأكبر عدد مقاعد في البرلمان منفردا.
وأظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة التي نشرت الأسبوع الماضي أنه لن يتمكن من الحصول على 61 مقعدا المطلوبة لضمان الأغلبية في الكنيست المؤلف من 120 مقعدا بما يفتح الباب لمفاوضات ونقاشات قد تستمر أسابيع لتشكيل ائتلاف حاكم وربما تقود لانتخابات جديدة.
الأمن والاقتصاد
وتصدر ملفا الأمن وارتفاع الأسعار قائمة ما يقلق الناخبين في حملة انتخابية بدأت بعد أن قرر رئيس الوزراء المنتهية ولايته يائير لبيد، المنتمي لتيار الوسط، الدعوة لانتخابات مبكرة بعد انشقاقات في ائتلافه الحاكم.
وتضاءلت الخلافات السياسية أمام شخصية نتنياهو المؤثرة، الذي فاقمت معاركه القانونية حالة الجمود التي تعرقل النظام السياسي الإسرائيلي منذ أن وُجهت له اتهامات بالرشوة والتزوير وخيانة الأمانة في 2019.
ومع استمرار مشكلات نتنياهو القانونية، نجح بن غفير وزعيم اليمين المتطرف بتسلئيل سموتريتش في النيل من شعبية ليكود التقليدية بين أنصار التيار المتشدد، وتظهر الاستطلاعات أن الصهيونية الدينية، وهي مجموعة كانت هامشية في السابق، من المتوقع أن تحتل المرتبة الثالثة في النتائج.
قلق أمريكي
ويبدو أن بن غفير، وهو عضو سابق في حركة كاخ المدرجة على قوائم مراقبة الإرهاب في إسرائيل والولايات المتحدة، خفف بعضا من مواقفه السابقة، إلا أن احتمال انضمامه إلى حكومة يقودها نتنياهو يثير قلق واشنطن.
وبنى لبيد حملته الانتخابية على أوجه التقدم الدبلوماسي والسجل الاقتصادي لائتلافه غير التقليدي الذي تشكل بعد الانتخابات الأخيرة، وضم أحزابا من اليمين والوسط، وحزبا عربيا للمرة الأولى.
أكد رئيس وزراء حكومة الاحتلال، رئيس حزب "يش عتيد" يائير لبيد، على أن الانتخابات المقبلة مصيرية.
وقال لبيد، خلال زيارته لمدينة هرتسليا، الأسبوع الماضي، إن "الانتخابات المقبلة مصيرية من أجل مستقبل بلدنا ومستقبل أطفالنا".
وطالب لبيد، ناخبيه بأن يأخذوا جميع أصدقائهم وعائلاتهم الثلاثاء المقبل، للتصويت.
نتنياهو يهدد
هدد زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو، اليوم الإثنين، بإلغاء اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، الذي تم توقيعه الأسبوع الماضي.
وفي حديث إذاعي، هدد نتنياهو بإبطال الاتفاق مع لبنان في حالة فوز حزبه في انتخابات الكنيست المقبلة، قائلا: "سأتعامل معه (الاتفاق) تماما كما تعاملت مع اتفاق أوسلو"، واصفا إياه بأنه "اتفاق استسلام آخر".
وكان نتنياهو أعرب مرات عديدة عن رفضه للاتفاق، ووصفه في تصريح في أكتوبر الماضي، بأنه "استسلام تاريخي"، معتبرا أن رئيس الوزراء "يائير لبيد وافق على كل مطالب حزب الله، وكان خائفا، ولهذا السبب استسلم".
ويوم 27 أكتوبر/تشرين الأول، وقع الرئيس اللبناني ميشال عون، ورئيس وزراء دولة الاحتلال، يائير لبيد (كل على انفراد)، نص اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين، دون وجود لمراسم التوقيع.
