- كتيبة جنين: هاجمنا قوات للاحتلال بمحيط منزل برقين المحاصر
خاص: مرت المقاومة الفلسطينية بعدة مراحل وتطورات ما بين السلاح والوسائل الشعبية والإضرابات والعصيان المدني، في محاولات مستمرة كان يقوم بها الفلسطينيون للمحافظة على أرضهم، قبل أن تتخذ نمطًا أكثر تنظيمًا مع انطلاق شرارة الثورة المعاصرة عام 1965.
ولا تزال الأنماط المنفردة من المقاومة في فلسطين المحتلة، التي تتصدى للاحتلال في وتيرة متصاعدة وذات فعالية عالية، جنبًا إلى جنب مع فصائل المقاومة.
حزيران 1967.. وتطور المقاومة الفلسطينية
كان لهزيمة الدول العربية في نكسة يونيو/ حزيران 1967، نتائج مباشرة على الصعيد الفلسطيني، تمثلت في تحرر النضال الوطني الفلسطيني من قيود الوصاية الرسمية العربية، وسقوط الرهان نهائياً على دور الجيوش النظامية العربية، خاصة بعد موافقة مصر والأردن على قرار مجلس الأمن رقم 242 الذي صدر في نوفمبر/ تشرين الثاني 1967، وحلول هدف " إزالة آثار عدوان حزيران" محل هدف "تحرير فلسطين".
كما كان من نتائج تلك الهزيمة، تكريس التوجه الذي بدأت به حركة "فتح"، في النصف الأول من الستينيات، ومفاده أن على الشعب الفلسطيني الاعتماد على نفسه في الأساس في معركة تحرير وطنه، وذلك باللجوء إلى الكفاح المسلح.
كان الطموح الأولي لحركة "فتح" ومنظمات المقاومة الفلسطينية الأخرى أن تشكل الأراضي الفلسطينية المحتلة ساحة الكفاح المسلح الرئيسية. فعقب انتهاء العمليات العسكرية على جبهات القتال العربية-الإسرائيلية، ناقشت قيادة حركة "فتح" مسألة الشروع في ممارسة الكفاح المسلح داخل هذه الأراضي.
تبنت قيادة "فتح" توجهاً يقضي ببناء قواعد ارتكازية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تبدأ بعمل فدائي انتقائي ومحدود قبل أن تتطور إلى حرب عصابات كلاسيكية. ومما شجع حركة "فتح" على اتخاذ ذلك التوجه ظهور علامات مبكرة على نشوء مقاومة مدنية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، اتخذت شكل إضرابات واعتصامات وغيرها من أشكال الاحتجاج السلمي.
وأوكلت قيادة الحركة إلى ياسر عرفات مهمة العمل على بناء هذه القواعد في الضفة الفلسطينية المحتلة، فقاد هذا الأخير فريقاً من 30 رجلاً، وأقام مقر قيادته في نابلس.
في 28 أغسطس/ آب، أعلنت حركة "فتح" بدء العمليات القتالية في الضفة، فيما أسمته "الانطلاقة الثانية"، التي أعقبت "انطلاقتها الأولى" في الأول من يناير/ كانون الثاني 1965.
معركة الكرامة.. منعطف تطور المقاومة الفلسطينية المسلحة
بعد فشل الرهان على جعل الأراضي الفلسطينية المحتلة ساحة الكفاح المسلح الرئيسية، برزت الحاجة إلى البحث عن "ملاذات آمنة" في الدول العربية المحيطة بفلسطين. وكان واضحاً أن الأردن هو المرشح الأول لتوفير مثل هذه الملاذات، إذ تقيم فيه أغلبية اللاجئين الفلسطينيين، ويملك أطول حدود عربية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة.
في 21 مارس/ آذار 1968، وقعت معركة كبرى في بلدة الكرامة الواقعة في غور الأردن، بين قوات الاحتلال ومجموعة مشتركة من الثوار الفلسطينيين والجيش الأردني، أسفرت عن تكبيد جيش الاحتلال، خسائر فادحة بالمقارنة مع خسائره في حروبه السابقة.
حصار بيروت 1982.. معركة الصمود
أدى تنامي مكانة منظمة التحرير والانجازات السياسية التي كان عرفات يحققها على مستوى العالم إلى إثارة حنق وانزعاج قادة الاحتلال بقيادة رئيس الوزراء مناحيم بيغن فزادت عملياتها العسكرية ضد الفلسطينيين في لبنان، وأخذوا يخططون لضرب منظمة التحرير وقيادتها.
استشعر عرفات في وقت مبكر الخطر الكبير المقبل، وكان منذ خريف 1980 يحذر ويعلن ضرورة الاستعداد للحرب، لأنه شعر بأن اليمين الحاكم في دولة الاحتلال يستعد ويتحين الفرص للانقضاض على الثورة الفلسطينية.
ومع حلول مطلع شهر يونيو/ حزيران 1982، شن جيش الاحتلال عدوانا غاشما على الدولة اللبنانية، وبدأت مدفعيته وطائراته في قصف مواقع عديدة في العاصمة بيروت والمخيمات الفلسطينية.
اللافت في هذه المعكرة التطور النوعي في الترسانة العسكرية للمقاومة الفلسطينية في لبنان، وعلى وجه الخصوص حركة فتح، إذ استخدمت صواريخ الكاتيوشا في قصف بلدات شمال فلسطين المحتلة.
ومع اشتداد المعركة، حوصر ياسر عرفات ومن معه من مقاتلي الثورة في مساحة لا تتجاوز 25 كيلومترًا مربعًا لأكثر من 88 يومًا سطروا خلالها أروع ملاحم البطولة والفداء في وجه ألة الحرب الإسرائيلية.
جهاز القطاع الغربي
بعد الخروج من بيروت برزت الحاجة أكثر لنقل العمليات الفدائية، ولهذا الهدف أسس الشهيد القائد خليل الوزير جهاز "القطاع الغربي" لإدارة العمليات في الأراضي المحتلة، والذي كان له الدور الأبرز في تغيير معادلة المواجهة مع الاحتلال.
وفي الفترة من مارس/آذار 1985 حتى أبريل/نيسان 1986 تولى شيخ المناضلين أبو علي شاهين قيادة القطاع، قبل أن تقضي محكمة الاحتلال بإبعاده إلى جنوب لبنان منتصف العام 1985.
في أكتوبر/ تشرين الأول 1986 وبعد إُبعاد أبو علي شاهين عن أرض الوطن، تولى محمد دحلان أحد المؤسسيين الأوائل لحركة الشبيبة الفتحاوية الذراع الطلابية لحركة فتح، قيادة القطاع الغربي.
وعند اندلاع الانتفاضة الأولى، ساهم القطاع في قيادة فعالياتها، من خلال نقل التعليمات من قيادة منظمة التحرير في الخارج إلى القيادات في الداخل، ليكون كلمة السر في امتداد الانتفاضة.
كتائب شهداء الأقصى
مع اندلاع انتفاضة الأقصى نهاية شهر سبتمبر عام 2000، أوعز الزعيم الخالد ياسر عرفات للاسير القائد مروان البرغوثي بتشكيل كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة فتح لقيادة الكقاح المسلح في وجه الاحتلال.
نفذت الكتائب سلسلة عمليات أوجعت الاحتلال وأقضت مضاجعه، لا سيما تلك التي قادها الشهيد القائد رائد الكرمي، ردا على يحدث في المسجد الأقصى، وثأرا لاغتيال أمين سر حركة فتح في طولكرم ثابت ثابت.
استمرت عمل الكتائب حتى العام 2005، إذ أمر الرئيس محمود عباس الذي كان لتوه يتولى رئاسة فلسطين خلفا للزعيم ياسر عرفات، بحل الكتائب وتفكيك خلاياها ومصادرة سلاحها.
مطلع العام 2021 وبعد 16 عاماً من مصادرة سلاحها في الضفة، أعادت كتائب شهداء الأقصى التسليح من جديد بعد اشتعال معركة "سيف القدس"، وتزايد وتيرة الاعتداءت في القدس والمسجد الأقصى، لتعلن عن نفسها من جديد بسلسلة عمليات فدائية انطلقت من مخيم جنين.
أنظمة صاروخية طويلة المدى
اليوم وبعد 55 يوما على نكسة العرب، تطورت المنظومة العسكرية للمقاومة بشكل لافت، إذ أصبحت تمتلك مجموعة متنوعة من الأنظمة الصاروخية طويلة المدى تصل لأكثر من 250 كيلو متر وبات باستطاعها رب جميع مدن فلسطين المحتلة من شمالها حتى جنوبها.
اللافت أيضا، امتلاك المقاومة لطائرات مسيرة وصواريخ مضادة للدورع فائقة الدقة، فضلا عن التطور التكنولوجي في مجال الاتصالات والاستخبارات، والذي شكل مفاجأة للاحتلال خلال عدوانه الأخير على قطاع غزة العام الماضي.