متابعات: يرتبط اسم الرسام الفلسطيني الشهير ناجي العلي، بالقضية الفلسطينية ارتباطا وثيقا، فهو رسام كاريكاتير فلسطيني دعم القضية بنحو 40 ألف عمل صاغ من خلال ريشته رؤيته للتغيير السياسي باستخدام الفن، وتحل اليوم ذكرى اغتياله من قبل شخص مجهول قبل 34 عاما في 22 يوليو، قبل أن يتوفى في 29 أغسطس من العام 1987، وساهم اعتقال الاحتلال الاسرائيلي له وهو في العاشرة من عمره في تطوير موهبة الرسم عنده إذ رسم على جدران الزنزانة رسومات مناهضة للصهاينة.
ناجي العلي
وبالبحث في السيرة الذاتية للرسام الفلسطيني الراحل ناجي العلي يتبين أنه لا يعرف تاريخ ميلاده على وجه التحديد لكن يرجح البعض مولده عام 1937 في قرية الشجرة الواقعة بين طبريا والناصرة، وبالتالي فإنه توفي عن عمر ناهز 50 عاما، وذكر أيضا أنه هاجر مع أهله عام 1948 إلى جنوب لبنان بعد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وعاش في مخيم عين الحلوة، واعتقله الاحتلال وهو في العاشرة من عمره لمشاركته في المقاومة كما ابتكر شخصية حنظلة الشهيرة.
ومن المعلومات المنسوبة لناجي العلي أيضا أنه سافر إلى طرابلس ونال منها على شهادة ميكانيكا السيارات، كما تزوج من وداد صالح نصر من بلدة صفورية الفلسطينية وأنجب منها أربعة أولاد هم خالد وأسامة وليال وجودي، وأعاد ابنه خالد إنتاج رسوماته في عدة كتب جمعها من مصادر كثيرة، وتم ترجمة العديد منها إلى الإنجليزية والفرنسية ولغات أخرى.
شخصية حنظلة
شهدت بداية ناجي العلي الفنية رعاية من الصحفي والأديب الفلسطيني غسان كنفاني أثناء زيارة له في مخيم عين الحلوة، فنشر له أولى لوحاته وكانت عبارة عن خيمة تعلو قمتها يد تلوّح، ونشرت في مجلة «الحرية» العدد 88 في 25 سبتمبر 1961، وفي سنة 1963، سافر ناجي العلي، إلى الكويت ليعمل محررا ورساما ومخرجا صحفيا، فعمل في مجلات وصحف الطليعة الكويتية، السياسة الكويتية، السفير اللبنانية، القبس الكويتية، والقبس الدولية.
ظهر رسم حنظلة الذي يدير ظهره ويعقد يديه خلفه، لأول مرة في الكويت عام 1969، في جريدة السياسة الكويتية، وأصبح «حنظلة» بمثابة توقيع ناجي العلي على رسوماته.
لقي هذا الرسم وصاحبه حب الجماهير العربية كلها وبخاصة الفلسطينية، لأن حنظلة هو رمز للفلسطيني المعذب والقوي رغم كل الصعاب التي تواجهه فهو شاهد صادق على الأحداث ولا يخشى أحداً، ويقول ناجي العلي إن حنظلة هو بمثابة الأيقونة التي تمثل الانهزام والضعف في الأنظمة العربية، حينها.
وبخصوص قضية اغتياله التي تحل ذكراها اليوم، فوفقا لما نشر عن التحقيقات البريطانية فإن شابا أطلق عليه النار كان موظفا لدى جهاز الموساد الإسرائيلي، وتمت العملية في لندن بتاريخ 22 يوليو عام 1987م فأصابه تحت عينه اليمنى، ومكث في غيبوبة حتى وفاته في 29 أغسطس 1987، ودفن في لندن رغم طلبه أن يدفن في مخيم عين الحلوة بجانب والده وذلك لصعوبة تحقيق طلبه.
كان لـ"ناجي"، مكانة خاصة عند كبار المثقفين والفنانين، إذ قال عنه الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش: "فلسطيني واسع القلب، ضيق المكان، سريع الصراخ، طافح بالطعنات، وفي صمته تحولات المخيم، مفتوح على الساعات القادمة وعلى دبيب النمل وأنين الأرض، يجلس على سر الحرب وفي علاقات الخبز، خرج على العالم باسم البسطاء ومن أجلهم، شاهرا ورقة وقلم رصاص، فصار وقتا للجميع".
أما الفنان التشكيلي ورسام الكاريكاتير المصري جورج بهجوري قال عنه: "كان يمشي كما لو كان يقفز إلى أعلى مثل الكنجارو، وكان يفلسف كل شيء أو يحوله إلى سياسة، وأخذ شخصية (حنظلة) من وحي رسمه لنفسه، حيث كان يرسم نفسه مع الكاريكاتير مثل حنظلة، في حجم (ميكي ماوس)، لكنه صنفه كرمز للنضال الفلسطيني، حتى أصبح من أشهر الكاريكاتيرات العالمية".
فيما قال الأديب السعودي عبد الرحمن منيف، عن تجربته، "لا تزال رسوم ناجي العلي راهنة، وربما أكثر راهنية من الماضي، وهذا دليل على أن الفن الحقيقي والصادق له قدرة على الحياة والتجدد".
وكانت رسالة الشاعر السوري أدونيس، لروحه: "سلاما ناجي أيها الشهيد الآخر، والشاهد الآخر".