ليس تطورا دراماتيكيا مفاجئا كما يبدو للكثيرين ، وليس قلبا للموازين والحسابات في الحلبة السياسية الإسرائيلية التي تم بالأمس انتخاب رئيس حزب أزرق أبيض، بيني غانتس، رئيساً لـلكنيست، الإسرائيلي خلفا لإدلشتين، وما هي إلا خدعة وهو إدعاء كاذب لإخراج المسرحية التي رتبها البيت الأبيض في يناير من هذا العام وقبل إنطلاق جائحة الكورونا في العالم.
في 25 يناير من هذا للعام ، وجهت الدعوة من الرئيس ترامب لبنيامين نتنياهو وبيني غانتس، قطبي السياسة الأبرز في إسرائيل لزيارة واشنطن.
قرر زعيم حزب "أزرق أبيض" الإسرائيلي، بيني غانتس، وبيبي نتنياهو زعيم تحالف اليمين واليمين الديني زيارة واشنطن تلبية للدعوة الموجهة إليهما من قبل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.
ونقل في حينها عن غانتس قوله: إن "الولايات المتحدة حليفة قوية لإسرائيل، والرئيس ترامب هو صديق إسرائيل الحميم"، معتبرا بأن خطة ترامب(الصفقة) كما نشرت قد "تشكل أساسا للتفاوض مع الفلسطينيين والدول العربية الأخرى".
من جانبه، في تلك الأثناء وجه رئيس تحالف العمل "غيشر في ميترس"، عمير بيريتس دعوة لغانتس إلى رفض الدعوة الأمريكية، وكان عمير بيرتس، قد بعث برسالة إلى الرئيس الأمريكي، قال فيها: "إنه لا يمكن تحريك عملية سياسية حقيقية إذا لم تكن معتمدة على أساس حل الدولتين"، وأكد أن "النزاع الفلسطيني الإسرائيلي يجب أن يحل عبر تفاوض مباشر بين الطرفين"، وأعرب بيرتس عن خشيته من أن يُعتبر نشر خطة السلام في هذا التوقيت تدخلا في المعركة الانتخابية في "إسرائيل". وثبت الآن أنها تدخلا حقيقيا ليس في الانتخابات فقط، بل رسم خارطة طريق النظام السياسي في إسرائيل ورسم خارطة المنطقة في العقد القادم.
"صفقة القرن"؛ خطة أعدتها إدارة ترامب مع عرب وبتقاعس فلسطيني مرصود مسبقا، تقوم الصفقة على إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات مجحفة لمصلحة "إسرائيل"، بما فيها وضع مدينة القدس المحتلة، وحق عودة اللاجئين.
بالأمس صوت الكنيسيت لصالح تعيين غانتس كرئيسا للكنيسيت بتأييد 74 نائباً، فيما عارضه 18 نائباً، أما باقي الأعضاء فقد تغيبوا عن عملية التصويت.
هذا التعيين تم بعد التوصل إلى اتفاق سري بين غانتس ورئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو يقضي بأن تدعم كتلة اليمين اختيار غانتس لمنصب رئيس "كنيست". وتعني هذه الخطوة تفكيك حزب (أزرق أبيض)، على أرض الواقع بحيث سارع القطبان فيه، يئير لبيد، وموشيه يعالون إلى الإعلان عن انسحاب كتلتيهما من الحزب.
والآن ستستمر الاتصالات بين (الليكود) و(أزرق أبيض) بهدف تشكيل حكومة وحدة وطنية على أن يتم التناوب على رئاستها بين نتنياهو وغانتس، سيترأسها نتنياهو أولا وسيتخلى غانتس عن منصب رئيس "كنيست" بعد عامين ليحل محله مرشح من الليكود، وعندها سيتولى مهام القائم باعمال رئيس الوزراء ووزير الخارجية.
وسيتسلم غابي اشكينازي عن كتلة (حوسين لإسرائيل)، منصب وزير الجيش، كما تسند حقيبة العدل إلى أحد النواب الأعضاء في هذه الكتلة التي يرأسها غانتس.
أما حقيبة المالية فستبقى من نصيب (الليكود)، كما تحتفظ الأحزاب اليهودية المتدينة بقوتها ضمن حكومة الوحدة. وهذا منتج صهيوني نقي لقيادة ءسرائيل في العقد القادم.
نعم هذا ما تم الإتفاق عليه مبكرا في يتاير الماضي مع ترامب حين استدعى نتنياهو وغانتس لواشنطن لتمرير خطة ترامب في فلسطين وضم الغور وتحقيق السلام في الشرق الأوسط مع تعزيز العلاقات الإسرائيلية العربية كفرصة تاريخية وجد فيها ترامب أن العرب هم أصحاب الحل.
واختبر ترامب رد الفعل الفلسطيني، وقاس إمكانيات قيادات الشعب الفلسطيني لإمكانية تخريب خطته، فوجدها باهتة، وهم منشغلون في صراعهم على السلطة، وليس على إفشال خطة ترامب، وتأكد ترامب أن القرار الفلسطيني بشقيه العباسي والحمساوي مصادر من داعميهم من العرب والأتراك الذين واصلوا العمل على تدجينهم منذ وقت سابق بإعتمادهم على أموال ومشاريع صممت مبكرا لخطف إرادتهم فأصبحوا في الوقت المطلوب منهم التحرك لإفشال خطة ترامب من منطلق وطني، فاقدي الإرادة، ولذلك تأكد ترامب أن ليس لديهم القدرة على إفشال خطة ترامب ِ
وكما نرى الولايات المتحدة وإسرائيل يرسمون خططهم ويعملون ليل نهار لتنفيذ خطة ترامب وبمساعدة بعض العرب وقيادات الفلسطينيين مسلوبي الإرادة مسبقا ومبكرا، وقياراتنا مشتبكون متماحكون، من هو ممثل الشعب الفلسطيني؟ ومن هو المسؤول عن الشعب ومال المساعدات والحصص في جائحة الكورونا في رحلة إجرام بحق قضيتهم الوطنية وشعبهم الذين سحقوه بخلافاتهم أولا وثانيا برعونتهم وفقدان إرادتهم أمام حواضنهم المالية في منظر يدمي القلب من الجهل، لم يمر على شعب مثلنا على مر التاريخ.
خطة ترامب تنفذ خطوة خطوة الآن، هم أعادوا ترتيب البيت الإسرائيلي، وستشكل الحكومة ويرأسها نتنياهو، ويرأس غانتس الكنيست، أعلى مرابط السياسة في إسرائيل، وخلال دورة هذه الأربع سنوات ستكون إسرائيل قد إستقرت بحدودها الجديدة، وتمت صناعة زعيما صهيونيا جديدا لمرحلة قادمة بعد هذه الدورة، خلفا لزعيم اسرائيل الحالي نتنياهو، وهو بيني غانتس، بواسطة الولايات المتحدة موجهة ضربة لكل المعارضين، وإبعادهم من الطريق مستقبلا، أمثال ليبرمان ولبيد وموشيه يعلون وعمير بيرتس وتهميش القائمة العربية ووقف نموها .
نحن أمام تحالف صهيوني فريد ونقي من كل الشوائب .. هذه هي إسرائيل الجديدة في العقد القادم فماذا يقول الفلسطينيون عباس وحماس؟ وماذا لديهم؟ إن كانوا خارج الصفقة؟
سؤال مطلوب الإجابة عليه فورا، وماذا فعلوا بقضيتنا الوطنية؟