تفاخر وزير الحرب الإسرائيلي "نفتالي بينيت" أنه لم يمض في منصبه سوى عشرة أسابيع فقط لكنه تمكّن خلال هذه الفترة القصيرة من إنجاز ما لم يتمكّن غيره من وزراء الحرب السابقين إنجازه طوال سنوات، مشيراً بذلك إلى تمكّنه حسب زعمه من وقف مسيرات العودة على تخوم مستوطنات غزة، بعد أن تم وقف وحدات الإرباك الليلي وقنابل الدخان، في وقت تضطر فيه حركة حماس إعادة النظر بين وقت وآخر إطلاق البالونات المفخخة، هذه السياسة التي أطلق عليها "بينيت" سياسة العصا والجزرة قد أفلحت كما يزعم في إقناع حماس لتغيير سلوكها.
أمّا سياسة العصا فقد ترجمها "بينيت" عبر تصريحات يهدد فيها "بربيع مؤلم" ما لم تستمر حالة الهدوء مشيراً إلى أنّ وزارته تجري إعداد خطة من شأنها أن تُحدث تغييراً جذرياً بهدف إنهاء عشرين عاماً من إطلاق الصواريخ من قطاع غزة.
أمّا سياسة الجزرة فقد ترجمها "بينيت" من خلال عدة تسهيلات يتم بموجبها توسيع مساحة الصيد في بحر غزة إلى خمسة عشرة ميلاً بحرياً إضافة إلى زيادة تصاريح تجار قطاع غزة لتصل إلى 700 تصريح قابلة للزيادة حسب تراجع حالة "الشغب" مع غلاف غزة.
جوهر هذه السياسة ليس جديداً كما يزعم وزير الحرب "بينيت"، ذلك أنّ سياسة "هدوء مقابل هدوء" ومقايضة ما يسمى بالتسهيلات بتسهيل حياة مستوطني غلاف غزة وذلك من خلال عملية تحكّم ينفرد بها الاحتلال، وبالمعني المجازي يمكن التعرف على حالة غلاف غزة من خلال مساحة الصيد المسموح بها لصيادي القطاع مدّاً وجزراً والثابت هو أن "بينيت" هو الذي يقرر في كل الأحوال، ومن خلال هذه السياسة يؤكد الاحتلال أنّه من يمسك زمام الأمور والتحكّم، يمنح ويصادر، ويقيناً أن التهديدات الأخيرة حول احتمالات شن حرب إسرائيلية على قطاع غزة من قبل رئيس الحكومة ووزير حربه ليست لمجرد أداة في الحملة الانتخابية بقدر من هي سياسة دائمة ومستمرة لتأكيد أنّ الاحتلال هو من يمتلك القرار وصولاً إلى "هدوء مقابل هدوء" إلى حين التوصل إلى هدنة طويلة الأمد ترتكز أساساً على الحلول الإنسانية بديلاً عن الحل السياسي المطلوب.