لولا وجود شخصیة مثل دونالد ترمب لا یمكن لأي مسؤول أمیركي التفكیر في الولوج بمغامرة رسم خارطة سریالیة مثیرة للسخریة لشكل الدولة الفلسطینیة العتیدة، وترمب یتمتع بمؤھلات لم تتوفر لغیره من الرؤساء الأمیركیین الذي عایشوا القضیة الفلسطینیة منذ ھاري ترومان حتى یومنا ھذا ومن أبرزھا على الإطلاق أنه لا یفقه في السیاسة شیئاً
یذكر، فھو مجرد تاجر عقارات لا یفھم إلا لغة المال، وأن «اختراع صفقة القرن» ھو لصھره جیراد كوشنر الذي یقول إنه قرأ 25 كتاباً على مدى ثلاث سنوات لبلورة ھذه الصفقة، ومن أبرز ھذه الكتب «الفلسطیني الأخیر»، و«حالة الفشل»، و«13 سبتمبر»، وھو التصریح الذي علق علیھ الكاتب الأمیركي الساخر الكساندري بیتري في مقال له في صحیفة «واشنطن بوست» قائلاً: (لقد قرأت للتو 25 كتاباً وأنا ھنا لأجري لك جراحة القلب المفتوح)، وكأنه یرد علیه، قائلاً: لیست قراءة الكتب كافیة لمنح من یقرأھا النجاح والخبرة.
ومن المفارقات أن الكتب التي أشار الیھا كوشنر ھي كتب لا تتحدث بموضوعیة أو بإیجابیة عن الشعب الفلسطیني أو تاریخ نضالھ او طبیعة الصراع مع الصھیونیة بل تحمل مضامین مضللة تدعم فكرة الانحیاز إلى دولة الاحتلال.
رغم تصریح كوشنر المثیر للجدل فان الكثیر من المراقبین یشككون في كلامھ الذي یدعي فیه انه ھو وراء خطة «صفقة القرن» ویتحدث ھؤلاء عن أن جیسون غرینبلات مبعوث الرئیس الأمیركي للشرق الأوسط سابقاً ھو «العقل المدبر لھذه الخطة التي یصفھا البعض داخل إسرائیل بأنھا وصفة لـ «إدامة النزاع» ولیست وصفة أو خطة لإرساء السلام فالرئیس الأمیركي الاسبق جیمي كارتر أكثر الرؤساء الأمیركیین خبرة في الشرق الأوسط وقضایاه وصانع أول اتفاق سلام إسرائیلي – عربي ھو اتفاق كامب دیفید علق على صفقة القرن بقوله «أن ھذه الخطة تنھي خیار حل الدولتین» وھو الخیار الواقعي والمقبول لحل القضیة الفلسطینیة وفي حال قمنا «فكفكة» الخطة سنجد أنھا تحمل بذور صراع من نوع جدید، صراع داخل «إسرائیل» نفسھا، فضم قرابة ربع ملیون فلسطیني موجودین في قرى وبلدات المثلث إلى الدولة «الفلسطینیة – السریالیة» التي رسمتھا الخطة
سیفجر ثورة شعبیة عارمة على غرار انتفاضة یوم «الأرض» عام 1976 ضد القوات الإسرائیلیة وذلك لرفض ھؤلاء الذین یحملون الجنسیة الإسرائیلیة ویتمتعون بمیزاتھا لمثل ھذه الخطوة التى ستقلب حیاتھم رأساً على عقب وتعید إنتاج مأساة احتلال أرضھم عام 1948، ھذا عدا الانتفاضة ضد الخطة في الضفة وغزة.