كتب – علي أبو عرمانة: أكد القيادي في حركة فتح، رأفت عليان، اليوم الخميس، أن زيارة زعماء العالم إلى مدينة القدس المحتلة للمشاركة الاحتلال بما يسمى بذكرى المحرقة، تدل على أن العالم يحكمه المصالح.
وقال عليان، في تصريحات خاصة لـ"الكوفية"، "من الواضح أن هذا الزخم الزاحف إلى دولة الاحتلال للمشاركة في ذكرى المحرقة، يعبر عن الكيل بمكيالين من المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي"، مشيرا إلى أن "إسرائيل تسعى من خلال هذا الاحتفال لاستعطاف دول العالم، في الوقت الذي تناسى فيه العالم المحارق التي ارتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني والمستمرة حتى هذه اللحظة".
وأضاف، "أعتقد أن هذا الوضع بحاجة لإعادة نظر من الدبلوماسية الفلسطينية وطبيعة عمل وزارة الخارجية وسفرائها في دول العالم، لأن هذا الموضوع بحاجة لوقفة خاصة وأنه يتناقض تماما مع قرارات المجتمع الدولي وكذلك الوقوف الأممي بجانب حقوق شعبتنا الفلسطيني"، لافتا إلى أن "هذه الدول تهرول إلى إسرائيل لأن مصالحها مرتبطة مع أمريكا وإسرائيل".
وأكد عليان، أن "زحف واندفاع 40 رئيس من زعماء العالم إلى دولة الاحتلال، رسالة مجاملة للإدارة الأمريكية الراعي الأساسي للاحتلال الإسرائيلي"، مشددا على أن الزيارة نتاج طبيعي لغياب الرؤية الفلسطينية واستمرار الانقسام بالإضافة للهرولة العربية تجاه إسرائيل.
وتابع، "كنت أتوقع أن يكون هناك حراكا فلسطينيا جديا من قبل السلطة ومؤسسات المجتمع المدني والفصائل والقوى، لإيصال رسالة احتجاج فلسطينية لمن يزور الأراضي الفلسطينية المحتلة، رسالة شعبية وجماهيرية لنقول لزعماء العالم أن هذه الدولة المارقة التي تتعاطفون معها هي من تستمر في ترتكب مجازر وبحق شعبنا دون أن تحرك ساكنا".
وأردف، "كان يجب أن يتحرك الشعب باتجاه الميادين لنقول لهم طبقوا قرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن، وعليكم تحمل مسئولياتكم تجاه الجرائم المرتكبة بحق شعبنا"، موضحا أن "إسرائيل نجحت في استعطاف العالم تجاه هذه المحرقة التي يدعون أنهم دفعوا أثمانا إنسانية فيها".
وشدد عليان، على أن "الدبلوماسية الفلسطينية فشلت في أن تبرهن للعالم أن الاحتلال الاسرائيلي هو من يمارس المحرقة بحق شعبنا، والقدس مغلقة بكافة شوارعها، ممنوع الدخول أو الخروج منها، في محاولة إسرائيلية لتبرهن للضيوف أنها مدينة يهودية وتخضع للسادة الإسرائيلية، دون وجود رد فلسطيني أو عربي حقيقي، وهو ناتج لغياب رؤية واستراتيجية فلسطينية واضحة".
وأضاف، "ما جرى مع الرئيس الفرنسي ماكرون في الكنيسة التي تخضع للسيادة الفرنسية رسالة واضحة أن الاحتلال لا يفرق بين أحد، حتى الرئيس الفرنسي لم يسلم من إجراءات الاحتلال"، مشيرا إلى أن هؤلاء الرؤساء يجب أن يخرجوا من الأراضي الفلسطينية المحتلة برسائل واضحة، أن الشعب الفلسطيني التي يواجه المجازر والمحارق الإسرائيلية يستحق أن يعيش بحرية وكرامة، وأنه لا يمكن لنا أن ننتظر مجازرا أخرى لاستعطاف دول العالم".
وأوضح، أن "الزيارة أكبر دليل أن هناك خلل في الدبلوماسية الفلسطينية، التي لا يجوز أن نعطيها أكبر من حجمها بأننا اخترقنا المجتمع الدولي وأنجزنا قرارت التصويت في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، فجميع هذه القرارت لصالح الشعب الفلسطيني، وسواء تحركت القيادة الفلسطينية أم لم تتحرك فهذا لن يغير من تعاطف العالم مع شعبنا، وهذه الدول حتى وإن صوتت أو تعاطفت مع الشعب الفلسطيني، فهي لن تحارب بدلا منه، ولن تقوم بالدور المنوط بالقيادة الفلسطينية".
وأكد، أن "غياب الحضور الشعبي مرتبط بغياب القيادة والفصائل، فأولويات القيادة الفلسطينية والفصائل الوطنية والإسلامية تبدلت وهذا نتاج طبيعي للانقسام وللتفرد بالقرار الفلسطيني"، مشددا على أن "الشعب الفلسطيني بحاجة لقيادة بديلة، ترتقي لحجم تضحياته وحجم الدماء التي نزفت من أجل حرية فلسطين، وعلى زعماء العالم أن يضغطوا باتجاه إجراء الانتخابات لاختيار قيادة جديدة تليق بفلسطين".
وأضاف، "من المخزي والمخجل أن يكون هؤلاء الزعماء في القدس والضفة في ركود، ومن المحزن أن قيادة السلطة والفصائل تكتفي بالخروج في وسائل الإعلام وكأنها محلل سياسي، دون إتخاذ خطوات عملية لمجالهة الاحتلال"، مؤكدا أن غياب الرؤية الوطنية والإستراتيجية جعلت من هذا الاحتلال يتبجح على أرض الواقع".
وأوضح، أن "القيادة الفلسطينة تركت الشعب وحده يقارع الاحتلال في القدس والضفة بامكانياته المتواضعة والبسيطة"، مشيرا إلى أن شعبنا أصبح في مهب الريح نتيجة ضعف القيادة الفلسطينية.
وأكد عليان، أن "هذا الاحتلال إن لم يدفع ثمن احتلاله فسوف يستمر في سياساته تجاه شعبنا"، لافتا إلى أن "الرسالة التي يجب أن تصل للعالم أجمع أن شعبنا يطالب بحريته الداخلية أولا من خلال ممارسة حقه الطبيعي في انتخابات رئاسية وتشريعية لاختيار قيادة تستطيع أن تقوده لبر الأمان، ومن ثم تضع هذه القيادة خططا وطنية وسياسية لقيادة المرحلة لأنه لا يمكن أن يستمع لنا العالم ونحن منقسمين".
انحراف أخلاقي
بدوره، أكد الكاتب والمحلل السياسي، رجا طلب، أن مشاركة زعماء العالم في ما يسمى بذكرى المحرقة، تعتبر أكبر عملية نفاق وانحراف أخلاقي يمارسه المجتمع الدولي للتعاطف مع محرقة مزعومة.
وأضاف طلب، "الشعب الفلسطيني دائما كان مظلوما، ولم تستطع المؤسسات الدولية بحكم التحالفات الدولية المنحازة لإسرائيل أن تبرز معاناة شعبنا كحقائق على الأرض، وتُشعر الإنسانية أن هناك شعبنا لا يزال تحت الاحتلال"، مشيرا إلى أن "هناك انحيازا أعمى وانهيارا أخلاقيا عميقا تمارسه الدول الكبرى وتتعاطف مع العدو الصهيوني".
ودعا إلى أن "يكون هناك فعل فلسطيني وعربي يحقق الدعاية السياسية المطلوبة بعيد عن كل أنواع التحريف وقلب الحقائق، فالحقيقة أن هناك شعبا محتلا ومدينة مقدسة محتلة، وهناك محرقة مزعومة، ورغم ذلك يتم التعامل معها وكأنها حقيقة في الوقت الذي يتم التعامل مع الفلسطينيين أنهم ليسوا شعبا وليسوا جزء من الإنسانية".
وأكد، أن "مشاركة زعماء في ذكرى الهولوكست وصمة عار أخلاقية على جبين المجتمع الدولي والإنساني ككل"، لافتا إلى أن "المجتمع الإنساني لم يقم بدوره الأخلاقي تجاه المجازر بحق الشعب الفلسطيني".
وتابع، "من المفترض تشكل السلطة الفلسطينية رافعة شعبية لمواجهة مثل هذه الأحداث، ولكنها للأسف غير موجودة الأن"، متسائلا، "أين قيادات السلطة وقيادات فتح والفصائل، لا أحد يتكلم ولا يدعو أحد لمظاهرة للخروج للشوارع رفضا للزيارة".
وشدد طلب، على أن "الزيارة إعادة تزييف للتاريخ وإعادة احتلال فلسطين واستعباد شعبها مرة أخرى، في ظل تواطؤ رسمي من السلطة الفلسطينية مع المؤسسات الدولية وهذه الشخصيات التي جاءت للقدس لتهلل لمحرقة مزعومة وكاذبة".
وأوضح، "طالما أن المعركة ثقافية وحضارية يجب أن يتسلح شعبنا بما يدافع بها عن تاريخه، لدينا الكثير من الكتاب والمثقفين ولكن لا توجد مؤسسات ترعاهم وتعدهم من أجل فككفة الرواية الإسرائيلية حول الهولوكست وإظهار كذبها ومدى الجريمة التي ارتكبت بحق العقل الانساني بتسويق هذه الرواية"، مؤكدا أنه لا يوجد لدينا مؤسسات ترعى مشروع كهذا وهنا تكمن المشكلة، فالشعب الفلسطيني من أكثر شعوب الأرض تعلما وثقافة وإبداع ولكن لا توجد مؤسسات ثقافية واجتماعية لرعايتهم.