الكوفية:تمكنت الولايات المتحدة للمرة الثانية من ضبط الإيقاع التصادمي المعلن بين إيران والمستعمرة. ففي شهر نيسان الماضي تبادلتا القصف، وهجوم إسرائيلي وصفه بن غفير وزير الأمن الداخلي لدى حكومة نتنياهو على أنه "مسخرة".
في الأول من شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2024، قصفت إيران مواقع إسرائيلية، مقتصرة على قواعد عسكرية، ولم تمس مواقع استراتيجية أو اقتصادية أو مدنية، وها هي المستعمرة ترد على إيران فجر السبت 26 تشرين أول أكتوبر 2024، بقصف مواقع عسكرية مماثلة في ثلاث محافظات طهران وخوزستان وإيلام فقط، وتجنبت: 1- قصف المفاعل النووي الإيراني، 2- مواقع إنتاج ومصافي النفط، وتم ذلك بقرار أميركي مباشر، بهدف عدم التصعيد وبقاء الاشتباكات تحت سقف مقبول ومضبوط من كلا الطرفين.
القصف الإسرائيلي أعقبه تصريح رسمي يقول: "أكملنا الرد على الهجوم الإيراني"، وبادله مسؤول أميركي رفيع قوله: "ينبغي أن يكون هذا هو نهاية تبادل الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيران" و"ينبغي عدم التصعيد، وإذا اختارت إيران الرد مجدداً، فنحن مستعدون تماماً للدفاع عن إسرائيل مرة أخرى".
وبذلك تتضح مدى المشاركة والدعم الأميركي المباشر وغير المباشر للمستعمرة، وتمثل ذلك بنقل أسراب من طائرات إف 16 من أوروبا إلى المنطقة، وتوفير أنظمة الدفاع الجوي المتطورة "Thaad" لحماية الأجواء الإسرائيلية من قصف الصواريخ والطائرات الإلكترونية المسيرة.
الولايات المتحدة قدمت الغطاء السياسي والدبلوماسي لهجوم المستعمرة، وتحذيراً نحو هجمات مستقبلية، وفق تصريحات أميركية مسؤولة قولها:
"إذا هاجمت إيران إسرائيل مرة أخرى، فسوف تكون عواقب، وقد أبلغنا إيران ذلك بشكل مباشر وغير مباشر" .
شون سافيت المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض قال في بيان رسمي: "نتفهم أن إسرائيل تنفذ ضربات محددة الأهداف ضد مواقع عسكرية في إيران، كممارسة للدفاع عن النفس، رداً على الهجوم الصاروخي الإيراني الذي استهدف إسرائيل في الأول من أكتوبر" .
وبصرف النظر عن حجم الضربة، والخسائر التي وقعت، من وجهة نظر الطرفين، فالمعطيات السياسية المرافقة تبدو واضحة، جلية، تستهدف عدم التصعيد وبقاء الاشتباكات بينهما في إطار ما هو مقبول، ويمكن ضبطه، وتحمله، طالما لا تصل إلى مستوى إيذاء مدنيين، وعدم التعرض إلى مواقع وأهداف استراتيجية من قبل الطرفين، ولدى الطرفين الإيراني والإسرائيلي.
الولايات المتحدة لا مصلحة لها في توسيع الصراع، بل بضبطه حتى لا ينفلت، وتحرص على عدم التورط في حرب مباشرة ضد إيران ما يستدعي تدخلاً روسياً مباشراً لصالح طهران، كما تفعل الولايات المتحدة في أوكرانيا ضد روسيا، وبذلك يقع التوازن وقد يؤدي إلى التصادم بين العملاقين الأميركي والروسي.
روسيا تعمل لإعادة موقعها الدولي، بعد هزيمتها في الحرب الباردة عام 1990، وتعمل مع الصين لإنهاء التفرد الأميركي لدى المشهد السياسي الدولي، ولهذا تتحاشى واشنطن التصادم، وبقاء حالة الاستنزاف الروسي وحدها في أوكرانيا، وتعتمد الولايات على المستعمرة بشكل مباشر لحماية مصالحها في المنطقة مع الحرص على حالة التطبيع، وإنهاء حالة الحرب بين المستعمرة وأطراف عربية، وإن كانت عملية 7 أكتوبر وتداعياتها " لخبطت" الأوراق والسيناريو الأميركي، ولذلك عملت ولا تزال على ضبط الايقاع بين إيران والمستعمرة حتى لا ينفجر الصراع، إلى حالة عدم التمكن من ضبطه.