قوانين إسرائيلية كثيرة أقل ما يمكن وصفها أنها عنصرية تستهدف الإنسان الفلسطيني بذرائع عديدة أهمها الأمن والديموغرافيا.
على رأس هذه القوانين «قانون المواطنة» الذي يتم تجديده منذ العام 2002 وكان المبادر له رئيس حكومة الاحتلال الراحل (أرئيل شارون) الذي اعتبر زواج الفلسطينيين على طرفي ما يسمى «الخط الأخضر": «ممارسة لحق العودة عبر النافذة لا الباب».
ويشرع الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) هذا القانون باعتباره «قانون ساعة» أي قانون مؤقت تمتد صلاحيته لسنة يجدد بعدها كل مرة بدلا من تشريع قانون اعتيادي.
الدافع وراء هكذا قانون هو الحفاظ على الطابع اليهودي «لإسرائيل» القلقة من ازدياد عدد فلسطينيي 1948 والذين باتوا اليوم يعدون نحو مليون ونصف المليون نسمة يشكلون ما يقرب من 20% من السكان. ولأول مرة منذ العام 2002، يتضمن القانون بندا يتعلق بالمخاطر الديموغرافية، وليس الأمنية فحسب، وهو البند المتعلق بمنع لم شمل عائلات فلسطينية فيها أحد الزوجين من سكان الضفة الغربية أو قطاع غزة. وهذا، ربما، أسوأ ما في القانون! فرغم فاشيته الواسعة فهو «يشرعن» الاعتبارات الديموغرافية لضمان أكثرية يهودية، وهو في جوهره تجسيد لأهداف أيديولوجية وديموغرافية عنصرية تخلق مسارين منفصلين ومختلفين على أساس عرقي وينافي بشكل تام الأسس الجوهرية التي يقوم عليها مبدأ المواطنة والحق الاساسي في إقامة أسرة، ما يثبت أن نظام الفصل العنصري «الأبارتهايد» بات منحى تشريعياً في تشريعات الكنيست.
ليس صدفة أن عشرات المنظمات واللجان والمؤسسات الدولية، بما في ذلك مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ومفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، والأمين العام للأمم المتحدة ولجان مختصة أخرى، كلهم انتقدوا القانون منذ العام 2002، وشددوا على خطورته. بل إن القانون أخذ حيزًا هاما في تقارير أصدرتها مؤسسات حقوق إنسان دولية هامة مثل «هيومان رايتس ووتش» ومنظمة «العفو الدولية» في سياق الحديث عن ارتكاب الدولة الصهيونية لجرائم الفصل العنصري، بموجب القانون الدولي ضد الفلسطينيين، حين أشارت في تقاريرها إلى مركزية «قانون المواطنة» في النظام الإسرائيلي ولكونه وسيلة للسيطرة الديموغرافية.
مركز «مساواة»، والذي يرافق منذ سنوات عائلات قانون منع لم شمل العائلات العربية، اعتبر القانون «اعتداء على حق أساسي للعائلات العربية وتعميقا لسياسة التمييز العنصري»، فضلًا عن أنه «يؤسس لمرحلة استهداف الوجود العربي بشكل مباشر، ليس فقط على فلسطينيي الضفة الغربية وإنما أيضاً على فلسطينيي 48».
من جهته، اعتبر المركز القضائي «عدالة» أن «قانون منع لم الشمل هو من أكثر القوانين العنصرية في العالم، إذ ليس هناك أي دولة تمنع مواطنيها من ممارسة حقهم في تكوين أسرة على أساس الانتماء القومي أو العرقي، وهو يرسخ الفوقية اليهودية كمبدأ دستوري».
وأشار المركز إلى أنه «حتى المحكمة في جنوب إفريقيا خلال فترة الأبارتهايد، ألغت في سابقة قضائية في عام 1980 قرارا يحظر لم شمل العائلات من أصل أسود في المناطق التي يعيش فيها البيض، مسوّغا القرار بأن نظام الأبارتهايد؛ لم يقصد المس بالحياة الأسرية».
«قانون المواطنة» وخاصة فيما يتعلق بمنع لم شمل فلسطينيي الضفة والقطاع المتزوجين بفلسطينيات من أراضي 48 يثبت مجددًا أن «إسرائيل» دولة فصل عنصري بامتياز. ففي الوقت الذي يتمتع فيه كل يهودي في العالم بحق المواطنة في «إسرائيل» فقط لكونه يهوديًا، تمارس الدولة الصهيونية سياسة تطهير عرقي الهدف منها وفق ذات الآلية الإسرائيلية القديمة/ الجديدة: «أرض (يهودية) أكثر» و«عرب أقل»!