لا يعرف «الاعتقال الإداري إلا من يكابده» وقد كنت شخصيا أحد ضحاياه! وهذه الأيام، ها نحن نلحظ تصدر أنباء هذا النوع من الاعتقال جميع الوسائط الإخبارية العربية والإسرائيلية.
ومن المعروف أنه مع احتلال عام 1967، بدأت الدولة الصهيونية استخدام عقوبة «الاعتقال الإداري»، وهي عقوبة ("مستعارة» من قانون الطوارئ في الانتداب البريطاني) تصدر بأوامر عسكرية إسرائيلية لمدة أقصاها ستة شهور، ويمكن تجديدها مرات غير محدودة، وقد يُفرج عن المعتقل الإداري، ويعاد فورا للاعتقال مجددا، أو تقدم له لائحة اتهام ويحاكم بعد اعتقاله إداريا.
وهذه العقوبة المحظورة في القانون الدولي، تستخدم ضد كافة الفلسطينيين بمن فيهم الأطفال والنساء، حيث أن المعتقل الإداري لا يعلم تاريخ الإفراج عنه، وقد يَصدر أمر تجديد اعتقاله قبل أيام قليلة من موعد الإفراج عنه، أو في ذات اليوم المقرر فيه الإفراج عنه.
وفي كثير من الحالات صدرت أوامر اعتقال إداري، بحق أسرى فلسطينيين أنهوا فترة اعتقالهم بناء على لائحة اتهام، والعكس بتوجيه لائحة اتهام لمعتقلين، بعد انتهاء اعتقالهم الإداري.
يستهدف الاحتلال الإسرائيلي بهذا النوع من الاعتقال التعسفي الفلسطينيين الفاعلين والمؤثرين على كافة المستويات السياسية، والاجتماعية، والمعرفية، بهدف تقويض أي حالة فاعلة في المجتمع الفلسطيني.
وتُشكل المحاكم العسكرية الإسرائيلية الأداة الأساسية في ترسيخ سياسة الاعتقال الإداري، عن طريق خرقها لضمانات المحاكم «العادلة»، ومنها رفضها اطلاع المعتقل ومحاميه على التهم الموجهة بحقه تحت ذريعة «ملف سري».
ووفق منظمة «بتسيلم الحقوقية» الإسرائيلية، فإن «القضاة دائما ما يوافقون على طلب النيابة فرض السرية على الأدلة والبينات التي تعرضها أمامهم».
ووفق مؤسسة «الضمير لرعاية السجين وحقوق الإنسان» الفلسطينية (غير حكومية)، فإن «جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) يأخذ القانون بيده، ويلعب الجهاز القضائي دور المنفذ للسياسات الأمنية، ويحاول أن يضفي الطابع «القانوني» على سياسة الاعتقال الإداري».
وبحسب نادي الأسير الفلسطيني (غير حكومي)، بلغ عدد المعتقلين الإداريين حتى نهاية كانون الأول/ ديسمبر الماضي 2021 نحو (500) من بين نحو (4600) معتقل فلسطيني. ووفق «النادي»، أصدر الاحتلال «1595 أمر اعتقال إداري خلال عام 2021، بما في ذلك أوامر التمديد، وقد تكون عدة مرات بحق ذات المعتقل».
وبحسب مركز فلسطين لدراسات الأسرى (غير حكومي) فإن هناك من الفلسطينيين من أمضى (15) عاما وأكثر، بشكل غير متواصل في الاعتقال الإداري.
وقد خاض الأسرى «الإداريون» منذ العام 1967 احتجاجات وإضرابات جماعية ضد اعتقالهم، كان أهمها الإضراب عن الطعام في العام 2014، والذي علق بعد (63) يوما بعد نجاح الأسرى في الحصول على عديد المطالب والتفاهمات فيما يخص الاعتقال الإداري.
ومنذ مطلع كانون الثاني/ يناير الماضي، يواصل الأسرى «الإداريون» مقاطعة محاكم الاحتلال العسكرية، كخطوة احتجاجية تجاه هذا النوع من الاعتقال. وكان نحو (60) معتقلا إداريا خاضوا خلال 2021 إضرابات عن الطعام جُلّها ضد الاعتقال الإداري.
وبحسب بيان أصدرته مؤخرا «الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال-فلسطين»، فإن «سلطات الاحتلال اعتقلت «إداريا» (41) طفلا فلسطينيا منذ تشرين الأول/ نوفمبر 2015 وحتى اليوم، من مختلف محافظات الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية».
وأكدت «الحركة» أنه «على إسرائيل إما أن تحاكم الأطفال وتمنحهم حقوق المحاكمة العادلة أو أن تطلق سراحهم على الفور، فاستخدام الاعتقال الإداري يرقى إلى مرتبة الاعتقال التعسفي».
فهل تتجمع الطاقات الفلسطينية (والعربية والدولية) لمزيد من الإضاءة/ والدعم لنصرة هؤلاء المعتقلين، ولوقف العمل بهذا «القانون» الذي ينتمي إلى «قانون الغاب»؟