- شهداء وجرحى بقصف الاحتلال مجموعة من المواطنين قرب مدخل قرية المصدر وسط قطاع غزة
بعد جولة قصيرة، ولكنها تحمل رسائل كثيرة، قال مصدر إسرائيلي أمني يوم أمس: "إننا أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من أيام قتال جديدة"، غير أن المصدر ذاته أكد ما كان جاء في تصريحات سابقة بأن إسرائيل لا نية لديها في التصعيد، ولكنها لن تسلم باستمرار إطلاق النار من لبنان، وأنها جاهزة لكل السيناريوهات.
خلال سنوات كثيرة منذ توقف عدوان تموز ٢٠٠٦، وصدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم ١٧٠١، لم تتوقف إسرائيل عن انتهاك سيادة لبنان وسورية، وتوجيه ضربات لحزب الله، وحتى اغتيال عدد من قياداته وكوادره، لكن الحزب عموماً آثر التزام الهدوء أو الرد على نحو مخفف لا يشكل مبرراً لتصعيد إسرائيلي.
خلال الجولة الأخيرة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بادرت أطراف على الأرجح فلسطينية لإطلاق عدد محدود من الصواريخ على مناطق فارغة وكان الهدف إرسال رسائل لإسرائيل أكثر مما أنها دخول في اشتباك، لا ترغب تلك القوى في توريط حزب الله.
كانت إسرائيل ترد بقصف موسع عموماً كما هو الحال حين تقوم بقصف من خلال الطيران الحربي، رداً على البالونات الحارقة من غزة، ولم تكن تتوقع رداً من حزب الله.
بحسب تال ليف مراسل يديعوت أحرونوت، كان يجب أن تتذكر المستويات السياسية والأمنية الإسرائيلية، أن التقييم الاستخباري للوضع كان أن حزب الله لن يرد على القصف الأخير للطيران ما يعني أن إسرائيل فوجئت برد الحزب، وإعلانه المسؤولية المباشرة عن إطلاق نحو عشرين قذيفة صاروخية على مناطق غير مأهولة.
إسرائيل قرأت رسالة حزب الله على أنها مجرد رسالة لتذكير إسرائيل بأن الحزب لن يسمح لها بتغيير قواعد اللعبة، وأنه أيضاً لا يرغب في تصعيد الوضع إلى حد الانفجار.
ثمة مغزى من حديث نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، حين يقول إن ما فعله الحزب، هو" رد على عدوان إسرائيلي رآه كل العالم، وإن على إسرائيل أن تفهم أن لبنان ليس ساحة مفتوحة لتصفي حساباتها واختبار قدراتها".
واضح أن إسرائيل جرى تكبيل يدها من الرد على ما نسبته إلى هجوم إيراني على سفينة تجارية مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي قبالة سواحل عمان الأسبوع الماضي.
بعد وقوع الهجوم المنسوب لإيران، صعدت بريطانيا والولايات المتحدة من تهديداتهما، بالإضافة إلى التهديدات التي لم تتوقف من جانب إسرائيل، لكن هذه العاصفة من التهديدات ما لبثت أن هدأت.
وفي تأكيد على أن الرد الإسرائيلي كان شكلياً، واستعراضياً، يكذب حزب الله المصادر الإسرائيلية التي ادعت أنها قامت بقصف الأماكن التي انطلقت منها الصواريخ، وأنها بسبب فشل تقييمات مصادرها الاستخبارية إزاء توقعات الرد من حزب الله، قامت بقصف محيط بلدات السداته، وبسطرة وكفر شوبا كما تفيد مصادر الجيش اللبناني، بعد أن كان وزير الخارجية الأميركي بلينكن قد صرح بأن واشنطن واثقة من تورط إيران في استهداف الناقلة الإسرائيلية وأن الرد وشيك. تعود الناطقة باسم الخارجية الأميركية نيد برايس وتدعو الحكومة اللبنانية بشكل عاجل لوقف ومنع الهجمات على إسرائيل وبسط سيطرتها على منطقة العمليات وأن واشنطن تشجع بشدة كل الجهود من أجل الحفاظ على الهدوء.
يبدو أن الإدارة الأميركية تدرك الدوافع والأهداف الإسرائيلية التي تستهدف تخريب مسيرة الحوار لإعادة الحياة للاتفاق الدولي بشأن البرنامج النووي الإيراني، منذ اللحظة الأولى لوقوع حادث الهجوم على الناقلة الإسرائيلية، تحركت الخارجية الإسرائيلية من أجل حشد جبهة دولية للرد على إيران، في محاولة لتوريط أميركا وبريطانيا ما سيوفر لها الفرصة للتغطية على عدوان واسع وانتقامي على إيران.
ربما كان نتنياهو محقاً حين قال إن إدارة بايدن يمكن أن تسرب معلومات عن نشاطات إسرائيل ضد إيران لتخريبها، فهو أكثر من غيره يدرك أن الولايات المتحدة لا تشجع إسرائيل على القيام بأعمال عدائية ضد إيران على نحو منفرد.
التهديدات الإسرائيلية وآخرها ما صدر عن نفتالي بينيت، لم تتوقف والتي تلوح بتحرك إسرائيلي منفرد ضد إيران بذريعة وقف تقدم برنامجها النووي، ولأنها ترى أن اتفاق "خمسة زائد واحد" لا ينطوي على آليات إقفال الطريق أمام امتلاك إيران سلاحاً نووياً.
عموماً يبدو أن الإدارة الأميركية تسعى لتبريد بؤر التوتر في المنطقة من غزة إلى لبنان إلى إيران، خشية أن يؤدي ذلك إلى انفجار الوضع على نحو واسع في منطقة الشرق الأوسط بينما لديها أولويات أخرى أكثر أهمية وأشد خطورة، يتأكد هذا التوجه لدى إدارة بايدن، من خلال قراراتها وإجراءاتها الانسحابية من أفغانستان وحتى العراق، هكذا ليس أمام إسرائيل وحكومتها الهشة، سوى أن تستمع للأوامر والنصائح الأميركية وأن تكتفي بإطلاق التهديدات فارغة المضمون، التي تطلقها لتأكيد أنها أكثر تطرفاً من حكومة نتنياهو، وأكثر حرصاً على الردع الإسرائيلي المتآكل.
أخيراً، ربما على الأطراف التي تراهن على قدرات إسرائيل لحماية نفسها أن تستخرج الدرس المتكرر الذي يفيد للمرة الثانية بفشل القبة الحديدية في غزة ولبنان، ما استدعى تحقيقاً في أسباب ذلك.
الأيام