غزة: في الوقت الذي يستعد فيه الفلسطينيون لإجراء الانتخابات الثالثة، يزداد موقف حكومة الاحتلال الإسرائيلي من الانتخابات غموضا، ومنها تعقيدات إجرائها في المدينة المقدسة على وجه الخصوص.
ورغم أن السلطة تقدمت بطلب لحكومة الاحتلال بشأن الحصول على موافقة بسماحها لإجراء الانتخابات، إلا أن الاحتلال لم يرد حتى اللحظة بشكل صريح عليه، وأما ما يفسر هذا الغموض الذي يكتنف موقفه منها فهو خشيته من أن تفرض الانتخابات سيناريوهات لا يرغب في حدوثها ومنها أن تكون جسرا لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية التي افتقدها الفلسطينيون طوال السنوات الماضية، بالإضافة إلى المخاوف المتعلقة بنتائجها غير المحسومة وهذا ما يراه مراقبون أنه قد يشكل مانعا وعائقا في أية لحظة لمسار الانتخابات وتحديدا مع رغبة البعض في تأجيلها ما قد يعطي مبررا لمن يرغب في ذلك.
الكاتب والمحلل السياسي، حسام الدجني، أكد أن إسرائيل لم ترد على طلب السلطة الفلسطينية في الحصول على موافقة لإجراء الانتخابات في القدس المحتلة، مشددا على أن لا انتخابات بدون القدس.
وأضاف الدجني خلال لقائه ببرنامج "حوار الليلة" على قناة "الكوفية"، مساء اليوم الثلاثاء، أن ادعاء القيادة الفلسطينية بأن إسرائيل ستمنع الانتخابات في القدس، ليس حرصا على القدس بل خشية من تشرذم حركة فتح التي تعاني ضعفا كبيرا في ظل الانقسامات الحادة، حيث كشفت صحيفة عبرية عن أن مروان البرغوثي أوعز لرفاقه بتشكيل قائمة جديدة لخوض الانتخابات.
وأوضح الدجني أن الرئيس عباس تحلل من اتفاق أوسلو أكثر من 10 مرات، مشيرا إلى أنه تم وضع ملف القدس على الطاولة خلال حوارات إسطنبول، وتم محاكاة جميع السيناريوهات، متسائلا ما الذي يجعل عزام الأحمد يقول إنه لن تجرى الانتخابات إلا بالقدس.
وأكد أننا لا نعترف بتقسيمات القدس الشرقية أو الغربية، وأحيانا ننسجم مع القانون الدولي لنقول القدس الشرقية، وعند الحديث عن القدس نشدد على أنه يجب أن تجرى الانتخابات على أساس معركة نضالية وليس إذن من الاحتلال.
وأشار إلى أن السلطة والقيادة في الضفة تقول إنه لا انتخابات إلا بالقدس، ليس حرصا على القدس، بل أن حركة فتح تريد أن تحمل المجموع الفلسطيني مسؤولية هذه الأزمة، مؤكدا أنه يجب أن نقول إن الانتخابات ستجرى بالقدس وبأي ثمن، وأن نكسر صورة إسرائيل بمحاولة تصدير أنها دولة ديمقراطية، وهي غير ذلك.
وشدد الدجني على أن قرار مروان البرغوثي بتشكيل قائمة خاصة في خوض الانتخابات التشريعية، سيؤثر على موقف السلطة حول إجراء الانتخابات الفلسطينية.
من جهته قال المختص في الشأن الإسرائيلي، أشرف العجرمي، إن الحكومة الإسرائيلية لم تعلن موقفها من الانتخابات الفلسطينية في القدس الشرقية لأسباب أهها، أنها غير واثقة من إجراء الانتخابات في موعدها، كما أنها تريد أن ترى المواقف الدولية والإقليمية من الانتخابات.
وأضاف العجرمي، أن موقف حكومة الاحتلال المقبلة من إجراء الانتخابات الفلسطينية لم يتشكل بعد وغير واضح إذا كانت ستتشكل أم لا، أو أن تذهب إسرائيل لانتخابات جديدة.
وأوضح العجرمي أن هناك بدائل في حال رفضت إسرائيل إجراء الانتخابات في القدس، كما أعلنت لجنة الانتخابات أن لديها بدائل إلكترونية تضمن تصويت ومشاركة أبناء شعبنا في القدس الشرقية بالانتخابات ترشيحا وتصويتا وانتخابا.
وأكد أنه يجب عدم إعطاء إسرائيل الفرصة لتعطيل الانتخابات حتى لو رفضت الالتزام بالاتفاقات السابقة، مشيرا إلى وجود ضغوط من قبل الاتحاد الأوروبي على إسرائيل لإجراء الانتخابات الفلسطينية.
وأشار العجرمي إلى أن إسرائيل تريد أن تكسب الوقت، وأن تتأكد أن الانتخابات ستجري أم لا، وتراهن على مشاكلنا الداخلية أكثر مما تراهن على أن تفشلها هي وتتحمل المسؤولية أمام المجتمع الدولي.
ولفت إلى أن إسرائيل تتذرع بمشاركة حماس في المؤسسة الفلسطينية للتشويش على الانتخابات الفلسطينية، حيث أنها لا تريدها بالحكومة ولا المجلس التشريعي ولا ممارسة النشاط السياسي في الضفة الغربية، فيما تدعيه إسرائيل بأنه خشية من تقوية حماس وعودة العنف إلى الضفة الغربية، مؤكدا أنها ذرائع وأكاذيب إسرائيلية، مشيرا إلى أنها تريد الإبقاء على الانقسام الفلسطيني.
وشدد العجرمي على أن الانتخابات الفلسطينية وسيلة لمكافحة الاحتلال الإسرائيلي، بترتيب البيت الفلسطيني، والاعتماد على استراتيجية وطنية كفاحية لمقاومة الاستيطان والإجراءات الإسرائيلية على أرض الواقع، مؤكدا أن هذا ما لا تريده إسرائيل.