القاهرة: لم تخلُ سجلات شرف حرب السادس من أكتوبر لعام 1973، من مشاركة القوات الفلسطينية، سواء كانوا من الفدائيين أو أفراد جيش التحرير الفلسطيني، حيث كانت قوات عين جالوت، بقيادة المقدم أركان حرب عبدالرزاق المجايدة هي القوة الرئيسية على الجبهة المصرية، قبل إلحاق كتيبة قوات العاصفة بقيادة غازي الجبالي بها، إضافة لوحدات من البحرية الفلسطينية التي تمركزت حينها في قاعدة رأس هلال الليبية.
وكانت الفصائل المشاركة في قوات عين جالوت الفلسطينية مكونة من ثلاث كتائب مشاة، إضافة لثلاث كتائب مدفعية، لتنتشر فيما بعد على خط النار في مناطق كبريت وكسفريت وجنوب الدفرسوار على امتداد 25 كيلو مترا، كما اخترقت قوات العاصفة القوات الإسرائيلية لتؤدي مهامها خلف خطوط العدو.
بعد صدور أوامر القتال للجيش الثالث الميداني، بقيت القوات الفلسطينية في تمركزها، لحماية مؤخرة الجيش المصري والتصدي لأي هجوم معاكس من قبل العدو، وتصدت للقوات الإسرائيلية في ثغرة الدفرسوار، ثم تحركت للدفاع عن مدينة السويس.
عمليات خلف الخطوط
عند اندلاع الحرب وُزعت الكتائب على الجبهات العربية المشتركة مع فلسطين المحتلة، مثل كتيبة مصعب بن عمير؛ التي انتشرت على الحدود اللبنانية- الفلسطينية، وأسند إليها مهام رئيسية ليلة حرب أكتوبر، أهمها العمل خلف خطوط العدو، وذلك بنصب الكمائن وزرع الألغام وتنفيذ الغارات على تجمعات العدو، وقصف تجمعات قوات الاحتلال في المعسكرات وتدمير جهاز الرادار في جبل الجرمق شمال فلسطين، والدفاع عن محور حاصبيا- ميمس راشيا الوادي، ومحور مرج الزهور- المصنع، وذلك بغرض إعاقة أى وحدات للعدو من التقدم في منطقة العرقوب.
ومع بدء القتال على الجبهتين المصرية والسورية، بدأت الكتيبة تنفيذ مهامها، بقصف تجمعات العدو في معسكرات الخالصة، ومطار البصة، وهونين ومرجليوث، وبرغام والمنارة، كما نصبت الكمائن وزرعت الألغام ومراقبة تحركات العدو والإخبار عنها وقطع خطوط مواصلاته وتدمير آلياته الخفيفة والمجنزرة.
كما قامت قوات حطين التابعة لجيش التحرير الفلسطينى، بتنفيذ عدة عمليات بشكل مستقل كجزء من الجيش السوري، فاشتركت في الهجوم مع قوات الفرقتين التاسعة والخامسة السوريتين (مشاة) وتنفيذ عملية الإنزال بالحوامات على تل الفرس، والإغارة على مؤخرات القوات المعادية بعد توغلها في جيب سعسع، وتتكون هذه القوة من ثلاث كتائب.
جبهة القناة
ذكر الكاتب المصري الراحل محمد حسنين هيكل في كتابه "الطريق إلى رمضان"، إن الرئيس المصري محمد أنور السادات، طلب الاجتماع ببعض كبار المسئولين في قيادة منظّمة التحرير الفلسطينيّة قبل الحرب بأسابيع.
وفى لقائه بهم أوضح لصلاح خلف وفاروق القدّومى أن الموقف قد توتر، وأنّ مصر مضطرّةٌ إلى تنشيط جبهة القناة، وفهما من حديثه أنّ مهمّة المقاومة الفلسطينيّة ستكون الاشتراكَ بعمليّاتٍ فدائية داخل سيناء، وقد وصل عددٌ من ضباط المقاومة، ونحو ١٢٠ من رُتَبٍ أخرى، إلى القاهرة للاشتراك في المعركة يومَ الأول من أكتوبر ١٩٧٣.
وبعث الرئيس ياسر عرفات ببرقية إلى كل من الرئيسين أنور السادات وحافظ الأسد، أبلغهما فيها بسيطرة قوات الثورة الفلسطينية على مرتفعات الرؤوس الثلاث في سفوح جبل الشيخ الغربية، والعمليات العديدة التى قامت بها قوات الثورة في اليومين الماضيين.
ودعت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الحكومات العربية لتأمين الدعم الأقصى للقوات العربية الفلسطينية المقاتلة، وناشدت حكومة الأردن بفتح جبهة ثالثة على العدو من أجل تحرير جميع الأراضى المحتلة في فلسطين.
تعطيل البث وقطع الإمدادات
بدورها، تمركزت قوات القادسية التابعة لجيش التحرير الفلسطيني والمكونة من كتيبتين، في بعض المناطق المهمة في عمق الجبهة السورية، ولم تستخدم هذه القوات في المجابهة المباشرة مع العدو، بل كانت مكلفة بإحباط أي محاولة للعدو للضرب في العمق، والتصدى لأي محاولة إنزال جوى معاد إلى جوار منطقة انتشارها.
أما كتيبة زيد بن حارثة؛ فهى ملحقة بالفرقة الأردنية الأولى (مشاة)، ونظرًا لعدم اشتراك الجبهة الأردنية في القتال فقد بقيت في مواقعها الدفاعية تقوم بأعمال الدوريات والكمائن في الخطوط الأمامية.
وأحدثت بعض المجموعات الفدائية، عطلا في محطة البث الإذاعى التابعة للاحتلال، وقامت بنصب كمين لقافلة تموين في منطقة اللطرون وهاجمتها بالقنابل اليدوية والرشاشات، مما أدى إلى تدمير خمس سيارات وإشعال النار فيها، وأطلقت قوات الثورة النار على سيارة عسكرية تحمل طيارين على طريق الخضيرة يافا، كما قامت قوات الثورة الفلسطينية بقصف صاروخى شديد على المصانع والمنشآت العسكرية في مستعمرتى ترشيحا ومعلولا في الجليل الغربى ذاته، وتم تدمير عدد من آليات العدو واستشهاد اثنين من الفدائيين وجرح ثالث.
وقام الفدائيون بدورهم التام في منطقة العرقوب واندلع القتال بينهم وبين جنود الاحتلال بضراوة شديدة، وتمكن الفدائيون من احتلال مواقع متقدمة تجاه العدو بعد أن قصفوا مواقعه بشدة في تلك المنطقة.
وقدمت القوات الفلسطينية خلال فترة حرب أكتوبر عشرات الشهداء والجرحى والمفقودين.