سلوى عمار: في الوقت الذي يتشوّق فيه الجميع إلى البناء، وتتجه الأنظار صوب إعادة الإعمار، مع تنبؤات مُفرحة بقرب إعادة دوران عجلة إصلاح قطاع غزة المتضرر، جاءت الضربة الإسرائيلية المُفاجئة لتؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، بأنّ طريق لملمة الجراح الفلسطينية والنهوض مجدداً لا تزال طويلة.
غارات إسرائيلية وسط القطاع
شن الطيران الإسرائيلي، سلسلة غارات على موقع يتبع الفصائل الفلسطينية، في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.
وأفادت صحيفة "معاريف" العبرية، بأن سلاح الجو في جيش الاحتلال نفذ غارات على أهداف في غزة بعد إصابة جندي صهيوني ونشر بطاريات القبة الحديدية خشية رد صاروخي من غزة باتجاه إسرائيل، حيث شنّت إسرائيل، غارات جوية على القطاع مساء أمس السبت بعد مصادمات بين قوات صهيونية ومتظاهرين فلسطينيين على الحدود مع القطاع، زاعمةً أن الغارات جاءت رداً على أعمال شغب حرّضت عليها حركة "حماس" التي تحكم قطاع غزة، موضحة أن المصادمات بين الجانبين خلّفت عشرات المصابين بينهم شرطي إسرائيلي وصبي فلسطيني في الثالثة عشرة من عمره كلاهما إصابته خطيرة.
وقالت مصادر فلسطينية، إن قوات الاحتلال أصابت بطلقاتها أكثر من عشرين فلسطينيا، بينما قال جيش إسرائيل إن المتظاهرين كانوا يرشقون الجنود الإسرائيليين بالحجارة والمتفجرات، مما أدى إلى تعرض أحدهم لإصابة بالغة.
وأشارت مصادر محلية، إلى أن الطواقم الطبية نقلت عددًا من الإصابات إلى مجمع الشفاء الطبي، بينهم المصور الصحفي عاصم شحادة جراء إصابته في الوجه.
"الصحة": 41 مواطنا أصيبوا بجراح مختلفة
أُفادت وزارة الصحة الفلسطينية، بإصابة عشرات الفلسطينيين برصاص الاحتلال الإسرائيلي، مساء يوم السبت، أثناء مشاركتهم في مهرجان إحياء الذكرى الـ52 لإحراق المسجد الأقصى المبارك.
وقالت الوزارة، إن 41 مواطنا أصيبوا بجراح مختلفة، من بينهم 22 طفلا ومن بين الاصابات اثنتان بحالة حرجة، مؤكدة أن 35 إصابة وصفت بالمتوسطة و4 إصابات طفيفة، بينما كان من بين الإصابات 27 في الأطراف السفلية.
ونوّهت الوزارة إلى أن مواطنين اثنين أصيبوا بالأطراف العلوية و2 أصيبوا في البطن والظهر و4 إصابات في الرأس والرقبة و6 إصابات في مناطق متفرقة من الجسم، مشيرة إلى أن من بين الإصابات حالتين حرجة إحداها لطفل يبلغ من العمر 13 عاما، أصيب بالرأس شرق غزة.
جاء هذا بعدما فتحت قوات الاحتلال نيرانها، وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع صوب مئات المشاركين بشكل سلمي في فعاليات المهرجان الفصائلي المقام على أرض "ملكة" شرق مدينة غزة، بعدما نظمت الفصائل الفلسطينية، مهرجانًا بعنوان "سيف القدس لن يغمد، إحياءً لذكرى إحراق المسجد الأقصى الـ 52.
إسرائيل تتعهد بالانتقام
وعلى خلفية اشتعال التوترات مجدداً حول قطاع غزة، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، باتخاذ إجراءات انتقامية بحق المسؤولين عن تنفيذ هجمات على عسكريين ومدنيين في بلده.
من جانبه، قال وزير الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، إن الحوادث التي جرت على حدود غزة خطيرة للغاية، وسيتم الرد عليها، مؤكداً: "لا داعي للقلق".
وشدد غانتس خلال مقابلة مع قناة 13 الإسرائيلية، على ضرورة محافظة إسرائيل على السيادة الأمنية وعدم رفع أيديها عنها حتى لا يتحول مشهد أفغانستان إلى غزة، وفق تعبيره.
الفصائل: استمرار الفعاليات الشعبية في قطاع غزة
أعلنت فصائل العمل الوطني والإسلامي، استمرار الفعاليات الشعبية، في قطاع غزة، حتى وقف الاعتداءات على الفلسطينيين في الضفة الفلسطينية والقدس ووقف حصار غزة، موضحة أن الفعاليات الشعبية ستمضي وفق خطة ورؤية، داعية الفلسطينيين للمشاركة وفق ما تعلنه من محددات.
وأَكدت الفصائل، أنها لن تقبل استمرار الحصار على قطاع غزة، محملة الاحتلال مسؤوليته بتوقفه عن عرقلة الإعمار والحصار وحرمان غزة من الانفتاح على العالم بما يضمن حياة كريمة للشعب الفلسطيني.
وعبرت الفصائل عن رفضها العدوان الإسرائيلي على غزة الليلة الماضية، داعية الفلسطينيين لمواصلة هبتهم الشعبية في غزة وبيتا وكفر قدوم، ولتوسيع نقاط الاشتباك في جميع أنحاء الضفة.
وتابعت الفصائل، "نقول للعالم وللوسطاء أن غزة جزء من فلسطين ولن ينجح أحد في عزلها عن وطنها وشعبها ولن نقبل باستمرار حصارها وابتزازها ليعملوا على إنهاء الأزمة الإنسانية التي تعيش فيها إذا أرادوا استقرارًا في المنطقة كلها".
"الخارجية والمغتربين": الاحتلال يحاول ردع المشاركين في المسيرات السلمية
أدانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، اليوم الأحد، قمع قوات الاحتلال، وتنكيلها الوحشي، بالمشاركين في المسيرات السلمية الشعبية اللا عنفية في الضفة الفلسطينية بما فيها القدس وقطاع غزة.
وذكرت الخارجية، في بيان صحفي، إن المقاومة السلمية الشعبية اللاعنفية تواجه باستمرار من قبل قوات الاحتلال بقرارات وأوامر إطلاق النار والضرب والاعتقال بحق المشاركين، ما يعني أن دولة الاحتلال تعتبرها غير مقبولة وتستوجب ردع المشاركين فيها وقمعهم بالقوة المتمثلة بإطلاق الرصاص الحي من قبل جنود الاحتلال وقناصته على المدنيين العزل، ما يؤدي في أغلب الأحيان إلى استشهاد مواطنين أو إصابتهم بجروح خطيرة بالأجزاء العلوية من أجسادهم.
وأكدت الخارجية، أن دولة الاحتلال تستخدم هذه الإجراءات العنيفة والعنصرية على أمل ردع المشاركين في هذه المسيرات السلمية، وفرض مفهوم ما هو مقبول ومسموح إسرائيليًا على مستوى ردود الفعل الفلسطينية الرافضة للاحتلال والاستيطان.
واعتبرت الوزارة، أن صمت المجتمع الدولي والمنظمات الأممية المختصة على جرائم الاحتلال وقمعه العنيف لتلك المسيرات، وعدم محاسبة ومعاقبة إسرائيل على انتهاكاتها وجرائمها، بات يشجع الحكومة الإسرائيلية وأذرعها المختلفة على التمادي في استباحة الأرض الفلسطينية والتنكيل بالمواطنين الفلسطينيين دون رادع من قانون أو أخلاق.
خسائر العدوان الأخير على غزة
نشر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، تقديرات لإجمالي الخسائر والأضرار الاقتصادية في قطاع غزة خلال العدوان الإسرائيلي الأخير، موضحاً أنها بلغت نحو 479 مليون دولار.
ولفت المركز أن هذه التقديرات جاءت في ورقة علمية حملت عنوان "انعكاسات العدوان الإسرائيلي في مايو / آيار 2021 على قطاع غزة وملف إعادة الإعمار".
وحلل المركز خلالها حجم الخسائر الاقتصادية التي تكبدها القطاع، خلال العدوان الأخير، وانعكاس سياسة الحصار والعدوان على القطاعات الاقتصادية، وناقش كذلك الأبعاد المختلفة لقضية إعادة الإعمار الرابعة لقطاع غزة، موضحاً أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في مايو/ أيار الماضي، ترك دماراً واسع المدى أصاب كافة القطاعات الاقتصادية وتسبب بخسائر اقتصادية فادحة.
ووفقًا لما جاء في نتائج الورقة البحثية، فقد تعرض نحو 1,447 وحدة سكنية في غزة للهدم الكلي بفعل القصف، إلى جانب 13 ألفاً أخرى تضررت بشكل جزئي بدرجات متفاوتة، فضلًا عن هدم نحو 205 منازل وشقق وأبراج سكنية بشكل كلي، وتضرر نحو 75 مقراً حكومياً ومنشأة عامة، وتنوعت تلك الأماكن ما بين مرافق خدماتية ومقار أمنية.
وبلغت إجمالي خسائر وأضرار مختلف القطاعات نحو 479 مليون دولار، بواقع 292 مليون دولار أضرارًا مباشرة لقطاع الإسكان والبنية التحتية، و156 مليون دولار أضراراً مباشرة لقطاع التنمية الاقتصادية.
ووفق التقديرات التي نشرها المركز، فإن 30 مليون دولار أضراراً مباشرة لقطاع التنمية الاجتماعية، كما تؤكد الورقة العملية أن حجم الأضرار يستدعي "البدء الفوري" من جميع الجهات الحكومية الرسمية والقطاع الخاص، ووكالة "أونروا" والمنظمات والهيئات الدولية، والدول المانحة، بالعمل لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال.
وشدد المركز على ضرورة حشد التمويل اللازم لعملية الإعمار، والتركيز على بعدها التنموي لإيجاد فرص عمل، وتعزيز قدرة الاقتصاد، كما ذكرت الورقة أن قضية إعادة الإعمار تتجلى بأكثر من بُعد، فهي ذات بُعد حقوقي، وسياسي، وإنساني، وتنموي.
ويتمثل البُعد الحقوقي في أن إعمار ما دمره العدوان الأخير على قطاع غزة، "واجب ومسؤولية وليس منحة من أحد"، كما أن المتسبب في الضرر هو المتكفل بجبره قانوناً، وفق "الورقة"، فضلاً عن أن المركز أشار إلى أن المجتمع الدولي مسؤول أيضاً مسؤولية مشتركة مع الاحتلال في إعادة الإعمار، بينما يتمثل البُعد السياسي في قضية الإعمار في أن ما دمره الاحتلال خلال العدوان كان هدفه إضعاف المشروع الوطني برمته، وتدمير إمكانية تسوية الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي بما يفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية في سياق حلّ الدولتين المعتمد دولياً.