الكوفية:سلوى عمار: مع تصاعد حدة الحرائق في العالم، سيطرت مشاهد النيران التي اندلعت في الجزائر على مواقع التواصل الاجتماعي، ومع ارتفاع حصيلة الضحايا، تحولت صفحات التواصل الاجتماعي إلى ساحات لمواساة الجزائريين.
ارتفاع حصيلة ضحايا الحرائق إلى 65 ضحية
أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، عن ارتفاع حصيلة ضحايا حرائق الغابات إلى 65 ضحية، بينهم 37 مدنيا أغلبهم بولاية تيزي وزو، لافتةً إلى وجود 12 عسكريا في حالة حرجة بالمستشفى.
وقالت الحكومة الجزائرية، إن حرائق الغابات المستعرة بالبلاد أودت بحياة جنوداً تم نشرهم للمساعدة في إخمادها، في حين غطت سحب الدخان الكثيف معظم جبال منطقة القبائل شرقي العاصمة، وأصيب عدد آخر من الجنود أثناء مكافحة الحرائق التي اندلعت في الأحراش بمنطقة القبائل.

حصيلة الحرائق وعدد البؤر المشتعلة
سجلت الحماية المدنية الجزائرية منذ الإثنين الماضي، اندلاع 103 حرائق في 17 ولاية بينها 19 حريقًا في ولايات وسط البلاد، ففي ولاية تيزي وزو، سجلت ما لا يقل عن 66 بؤرة حريق في عدة مناطق بينها حرائق في غابات، وتوجه وزير الداخلية ووفد من منظمات إغاثة إلى المنطقة للاطلاع على الأوضاع و تقديم تعازي الرئيس الجزائري لأسر 6 من ضحايا الحرائق.
وفي سطيف توفي شخص واحد إثر حريق اندلع في بلدة عين السبت، حاصره دخان الحرائق قبل أن تندلع النيران في جسده، وتسببت الحرائق في خسائر بالجملة لم تحصى بعد.
وقال شهود عيان، إن عدة منازل احترقت بينما فرت الأسر إلى فنادق وبيوت للشباب ومدن جامعية، وأضافوا أن أطقم الإطفاء واجهت صعوبة في الرؤية بسبب الدخان الكثيف.
وتسببت حرائق في دمار كبير بالعديد من بلدان منطقة حوض البحر المتوسط خلال الأيام الماضية، إذ اندلعت حرائق ضخمة في تركيا واليونان ولبنان وقبرص.

أياد إجرامية تقف وراء الحرائق
ومن جانبه صرح كمال بلجود، وزير الداخلية الجزائري، بأن أيادي إجرامية يغذيها الحقد على الجزائر تقف وراء تلك الحرائق، مؤكداً أن اندلاع 50 حريقًا في الوقت نفسه أمر مستحيل، وأن هذه الحرائق مفتعلة.
واعتبر محافظ الغابات بولاية تيزي وزو يوسف ولد محمد، أن الحرائق نشبت بفعل فاعل واختير لها يوم حار وأماكن معينة.
وأعلنت الإذاعة الجزائرية العامة، توقيف ثلاثة من "مشعلي الحرائق" في مدينة المدية شمالي البلاد حيث اندلع حريق أيضًا، حيث اضطرت السلطات إلى إجلاء عائلات من الولاية بعدما اقتربت الحرائق إلى المناطق السكنية التي أضرت بقطاع الطاقة في الولاية وتسببت في حرمان 13 منطقة من الكهرباء.
ودفعت ولايات أخرى بالدعم والمساعدات الغذائية لولاية تيزي وزو، كما دفع الجيش الشعبي بقوات للمساعدة بإجلاء المواطنين وإخماد الحرائق، وسجلت ولاية البويرة، نحو 10 حرائق في عدة مناطق بالغابات اتلفت أكثر من 20 هكتار من الغابات و ما يقارب 800 شجرة مثمرة، حسب حصيلة للحماية المدنية، كما سجلت ولاية بجاية زهاء 10 حرائق كبرى.

وكشف أيمن بن عبدالرحمن، رئيس الوزراء الجزائري، أن التحريات الأولية أثبت أن هذه الحرائق كانت بفعل إجرامي، وأن الحرائق نشبت في 18 ولاية، وبلغ عددها 71 حريق، وبالرغم من أن الظروف الطبيعية الحالية تساعد على انتشار الحرائق فإن الأيادي الإجرامية ليس ببعيدة عنها، مشيراً إلى أن التحليلات الأولية على مستوى منطقة تيزي وزو قد أثبتت بأن أماكن إنطلاق هذه الحرائق كانت مختارة بصفة دقيقة تسمح بإحداث أكبر قدر عدد من الخسائر، واختيار المواقع كان في مناطق ذات تضاريس وعرة ويصعب وصول الإسعافات إليها.
ولفت بن عبدالرحمن إلى أن مايثبت الفعل الإجرامي، ما قامت به مصالح الأمن من القبض على مجرمين بالمدية، واعترف أحدهم بفعله الإجرامي، مؤكداً أن الدولة لن تتسامح في هذا الإطار من متابعة ومعاقبة ومحاكمة المجرمين الذين قاموا بهذه الأفعال الإجرامية تجاه المواطنين الأبرياء وتجاه ثروات الوطن.
جهود إنقاذ الموقف
وقال بن عبدالرحمن، إن الدولة تعمل مع شركائها الأوروبيين من أجل استئجار بعض الطائرت الخاصة بإطفاء الحرائق، مضيفاً، "نحن في اتصالات متقدمة مع الشركاء الأوروبيين من أجل إتمام هذه العملية التي ستساعد في الإسراع بإطفاء هذه الحرائق".
وكتب الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، تغريدة عبر "تويتر"، لتوجيه تعليماته باتخاذ التدابير اللازمة للسيطرة على الوضع الذي خلفته حرائق الغابات التي مست عدة ولايات، فكتب، "يعيش وطننا المفدى، مرة أخرى، محنة أليمة تضاف إلى المحن التي عاشها هذه السنة"، مؤكدا أنه "وكما انتصرنا في المحن السابقة، سننتصر في هذه بحول الله". في إشارة منه إلى حرائق الغابات التي اندلعت على مستوى العديد من ولايات الوطن.
وتابع تبون في سلسلة تغريداته بشأن الكارثة، قائلاً "لقد تم تجنيد كل الوسائل المتاحة، ماديا و بشريا، للتصدي لهذه الحرائق، التي تمس عدة ولايات، ريثما نتغلب نهائيًا على هذه الكارثة، وستنطلق الدولة فورًا في إحصاء الخسائر وتعويض المتضررين"، مضيفًا "ببالغ الحزن والأسى، بلغني نبأ استشهاد 25 فردًا من أفراد الجيش الوطني الشعبي، بعد أن نجحوا في إنقاذ أكثر من مائة مواطن من النيران الملتهبة، بجبال بجاية وتيزي وزو، أمام هذا الخطب الجلل، ننحني بخشوع أمام أرواح أبناء الوطن البررة. تعازيّ لكل أسر الشهداء، إنا لله وإنا إليه راجعون".

العالم يعيش في خطر كبير
يؤدي التغير المناخي إلى تزايد مخاطر ارتفاع درجات الحرارة ومعدلات الجفاف، مما يساعد في اندلاع وانتشار النيران في الغابات والأحراش الجافة، وارتفعت درجة حرارة العالم بالفعل بنحو 1.2 درجة مئوية منذ بدء الحقبة الصناعية، ومن المتوقع استمرار ارتفاع درجات الحرارة ما لم تتخذ الحكومات إجراءات لتخفيض الانبعاثات الكربونية.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أورد تقرير علمي للأمم المتحدة أن النشاط البشري يغير المناخ بطرق غير مسبوقة وأحيانا لا رجعة فيها، كما حذرت الدراسة المهمة من موجات الحر الشديدة المتزايدة والجفاف والفيضانات، وارتفاع درجة الحرارة بمعدلات أكبر خلال ما يزيد عن عقد من الزمان، ولكن العلماء يقولون إنه يمكن تجنب كارثة إذا تحرك العالم بسرعة.