سلوى عمار: تحرك دبلوماسي أمريكي جديد، وزيارة هي الأولى لمسؤول كبير في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن منذ تولي نفتالي بينيت رئاسة الحكومة الإسرائيلية، للأمر دلالات عديدة، وتفسيرات وتأويلات كثيرة.
هادي عمرو في زيارة لفلسطين تستغرق 5 أيام
ففي زيارة تستغرق 5 أيام للمنطقة، بدأ المبعوث الأمريكي هادي عمرو، لقاءاته مع مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين، بعد وصوله يوم الأحد إلى إسرائيل لبحث عدد من القضايا.
وقالت السفارة الأمريكية لدى إسرائيل في بيان إن مساعد وزير الخارجية هادي عمرو سيجري لقاءات مع مجموعة واسعة من ممثلي المجتمع المدني الإسرائيلي والفلسطيني والقطاع الخاص، إضافة إلى مسؤولين حكوميين، لمتابعة الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية أنتوني بلينكين في مايو/آيار الماضي.
السفارة لفتت إلى تطلع المبعوث الأمريكي لدى مشاركاته مع ممثلي المجتمع المدني الفلسطيني والإسرائيلي والقطاع الخاص، إلى معرفة المزيد عن العمل الذي يقومون به والتحديات التي يواجهونها.
جدول أعمال المسؤول الأمريكي
موقع "واللا" العبري، أشار إلى أن من ضمن القضايا الرئيسية التي سيبحثها المسؤول الأمريكي في محادثاته بإسرائيل، عملية إعادة إعمار قطاع غزة والآلية الجديدة لتحويل الأموال القطرية إلى غزة عبر الأمم المتحدة وليس في حقائب نقدية إلى حماس، فيما يقدر مسؤولون إسرائيليون أن عمرو سيثير خلال محادثاته في إسرائيل قضية هدم منازل الفلسطينيين في الضفة.
وضمن القضايا الرئيسية التي يتوقع أن يثيرها عمرو في محادثاته في رام الله الأزمة السياسية الداخلية في السلطة الفلسطينية بعد وفاة الناشط السياسي نزار بنات.
تاتي الزيارة في أعقاب انتقاد إدارة بايدن قيام الجيش الإسرائيلي بهدم منزل المعتقل الفلسطيني منتصر شلبي، فقالت في بيان: "لا يجب هدم منزل تعيش فيه أسرة كاملة بسبب تصرف فرد واحد".
كما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، إن وزير الخارجية أنتوني بلينكين أثار قضية هدم منازل الفلسطينيين بشكل عام في محادثة مع مسؤول إسرائيلي كبير، معتبراً أن الإجراءات العقابية مثل هدم المنازل تزيد التوترات في وقت يحتاج فيه الجميع إلى العمل للحفاظ على الهدوء.
تباحثات بين اشتية وعمرو
رئيس الوزراء محمد اشتية تباحث مع المبعوث الأميركي هادي عمرو، إعادة إعمار قطاع غزة وتعزيز العلاقات الفلسطينية الأميركية، وملء الفراغ السياسي من خلال مسار سياسي جدي.
وقال اشتية إن إطلاق عملية سياسية جدية يجب أن تسبقه إجراءات بناء ثقة، مطالباً من الحكومة الإسرائيلية الجديدة أن تلتزم بالاتفاقيات الموقعة بما فيها إجراء الانتخابات في القدس.
وأوضح اشتية أن إجراء الانتخابات أمر مُلّح وحيوي للحفاظ على المشروع الوطني والمؤسسة الفلسطينية، وبانتظار موافقة إسرائيلية لتمكين الفلسطينين من إجرائها بالقدس لإعلان موعد جديد لإجرائها، لافتاً إلى أن المجتمع الفلسطيني يتميز بأنه مجتمع متعدد وديمقراطي، مؤكداً أنه سيحافظ على هذه المميزات ويعمل على علاج الأخطاء وأخذ الأمور إلى منحى أفضل.
رئيس الوزراء دعا إلى الإسراع بفتح القنصلية الأمريكية في القدس واستعادة العلاقات الثنائية، وكذلك إعادة النظر في القوانين التي اتخذها الكونغرس الأميركي بخصوص القضية الفلسطينية، كما أطلع اشتية المبعوث الأمريكي على التحديات المالية التي تعيشها السلطة الوطنية، بسبب الخصومات الإسرائيلية غير القانونية من أموال الضرائب الفلسطينية بحجة دفع رواتب أسر الشهداء والأسرى، وكذلك التراجع الحاد في المساعدات الخارجية خلال العام الحالي.
كما بحث رئيس الوزراء مع عمرو إعادة إعمار قطاع غزة عقب العدوان الإسرائيلي الأخير، مشيراً إلى تشكيل الفريق الوطني لإعادة الإعمار والذي أنجز تقريرا حول تقدير الأضرار، وهو جاهز لبدء العمل على الإعمار بالتعاون مع الشركاء.
فيما رد عمرو بالتأكيد على حرص الإدارة الأميركية على تحقيق حياة أفضل للشعب الفلسطيني وتعزيز العمل المشترك مع السلطة الفلسطينية.
ردود الأفعال على الزيارة الأمريكية
أستاذ العلوم السياسية، مخيمر أبو سعدة، يرى أن الولايات المتحدة الأمريكية ترفض سياسة هدم البيوت باعتبارها سياسة عقاب جماعي ضد الأسر الفلسطينية، مضيفا، "والسؤال هنا هل ينجح هادي عمرو في وقف هذه السياسة؟"، ليجيب بأنه من الصعب على شخص مثله أن يُوقِف هذه السياسة معتقداً أن هذا الأمر يحتاج إلى مستوى أعلى من التدخل الأمريكي خاصة وأن الوضع الآن يتمثل في حكومة أكثر تطرفاً من حكومة نتنياهو التي تحاول أن تفرض معادلات جديدة ضد الفلسطينين.
وبخصوص الملف الثاني المتمثل في إعادة إعمار القطاع والآلية الجديدة لنقل الأموال إلى القطاع، يرى أبو سعدة أن هناك ضرورة لتدخل أمريكي وتدخل دولي لوقف سياسة الإغلاق والحصار المفروضة على قطاع غزة، لافتاً إلى أنه على ما يبدو أن إسرائيل تريد أن تقايض الإدارة الأمريكية على بعض الملفات الفلسطينية ببعض الملفات العربية والدولية الآخرى.
وفي لقاء له ببرنامج "حوار الليلة" على فضائية "الكوفية"، أكد الكاتب والمحلل السياسي، جهاد حرب، أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة غير جدية بإنهاء الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، أو العودة لمسار المفاوضات، موضحاً أن الخيارات التي تنشدها إسرائيل من أي مفاوضات، هي عدم إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والاستمرار بالسيطرة على الأراضي الفلسطينية سواء بالاحتلال المباشر العسكري أو بأشكال أخرى تحت سقف تكبيل الفلسطينيين.
وأكد حرب، أن الإدارة الأمريكية لن تقوم باختراق جدي وجوهري في القضية الفلسطينية، لافتاً إلى أنها لم تبدأ عملياً بما وعدت به من إنهاء الأضرار التي نجمت في عهد ترامب، كما أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة أغلبها من اليمين المتشدد ليست لديه رؤية لحل سياسي مع الفلسطينيين سوى الهيمنة والسيطرة، مطالباً السلطة الفلسطينية بإعادة النظر في قمع الحريات الداخلية، وفتح حوار جدي لبناء خطة لإصلاح جوهري في النظام السياسي للسلطة الوطنية، ومراجعة لكل الإجراءات ومحاسبة الأطراف التي قامت بخرق القانون، والذهاب لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وتعزيز الوحدة وإنهاء الانقسام.
وفي اللقاء نفسه، قال المختص في الشأن الأمريكي وجيه أبو ظريفة، إن الإدارة الأمريكية بدأت منذ مايو الماضي تحركات قوية في ملف الصراع العربي الإسرائيلي، ولكن على ما يبدو أنها لا تعرف بأي ملف من الملفات تبدأ، فهل تبدأ من الملف السياسي، في الوقت الذي لا تملك فيه خطة بديلة لصفقة القرن التي حاول ترامب أن يمررها، وفي نفس الوقت هي تخشى من اتساع المسافات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبالتالي لا تريد أن تقتحم هذا الملف دون تحقيق نجاح، في الوقت الذي تريد أن تحافظ على الهدوء في المنطقة، ورغم ذلك حتى الآن لم يحدث شئ على أرض الواقع فلم يُعاد فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية ولم تفتح القنصلية الأمريكية في القدس، ولم يتجاوز الأمر سوى تقديم مساعدات للأونروا والمجتمع الأهلي الفلسطيني وهو أمر لا يكفي الفلسطينيين.
واعتبر أبو ظريفة، أنه على الفلسطينيين إعادة تطوير وإصلاح منظمة التحرير، التي تشكل المرجعية السياسية والجبهة الموحدة للمقاومة والكفاح الوطني الفلسطيني، مشيراً إلى أن إقحام الإدارة الأمريكية نفسها مجدداً في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يرجع لحالة الصدام التي بدأت منذ مارس/آذار الماضي، وما تلاه من عدوان على قطاع غزة.
ودعا أبو ظريفة، إلى تكثيف وتدعيم الضغط على المواجهة الشعبية والضغط على الاستيطان والمستوطنينين وتقوية صمود الناس في مناطق ج، وزيادة حالة الاشتباك اليومي لإعادة تعريف العلاقة مع الاحتلال بأنها علاقة صراع بين شعب تحت الاحتلال وقوة احتلال وليست علاقة تعاون كما يصور البعض.
هناك انعاكسات إيجابية للمواقف الأمريكية الأخيرة حيال الوضع الفلسطيني، والمتمثلة في استئناف الدعم المالي للفلسطينيين، وإعادة فتح مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وغيرها، وما تمثله تلك التحركات من استئناف للعلاقات الدبلوماسية مع الفلسطينيين، فضلاً عن انتهاج إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن سياسة مغايرة لأسلافه حيال الملف الفلسطيني، وهي أمور أدت إلى ازدياد وتيرة الآمال الفلسطينية بمستقبل أفضل لعملية السلام، ومع هذا يبقى الوضع الحالي رهن الانتظار إلى ما سوف تؤول إليه الأوضاع بعد التحركات الأمريكية الأخيرة.