غزة – عمرو طبش: رغم اندثار المهنة، إلا أن الرجل السبعيني سعدي بلبل، قرر الاحتفاظ بحرفته في نحت الخشب وصنع الأدوات المختلفة بإمكانيات بسيطة، رافضا التخلي عن مهنة تعملها وهو بعمر الـ8 سنوات، على الرغم من أنه أصيب بجلطة في يده وقدمه إلا أنه لازال متمسكاً في تلك المهنة ويمارسها بشغف.
يذهب "بلبل" في كل صباح بعكازه الذي يرتكز عليه إلى محل ليبدأ عمله في النجارة وصناعة الاشغال اليدوية، برفقة أحفاده الصغار، الذين أحبوا تلك المهنة منذ نعومة أظافرهم.
مهنة منذ مئات السنين
يروي المسن الفلسطيني سعدي بلبل تفاصيل قصته لـ"الكوفية" قائلا، "عائلتي كانت مشهورة بمهنة النجارة العربية القديمة منذ مئات السنوات، لا زلت أحتفظ وأعمل بالفارة التي كان يعمل بها جدي ووالدي قبل 150 عاماً، وأنا راح أخليها لولادي ولولادهم، وراح أخلي الكل يرث هذي المهنة العريقة".
وأكد، أن إتقان هذه المهنة يأتي ليس بالممارسة الدائمة وليس بالتعليم والتلقين، مضيفا، "لولا أنا بحب المهنة هاي وعايش فيها كان ما بستمر فيها، ولكن أنا متعلق فيها بشكل كبير".
جلطة دموية
وأوضح بلبل أنه أصيب قبل ثلاث سنوات بجلطة دموية في اليد والقدم اليسرى، أوقفته عن ممارسة مهنته لفترة طويلة، ولكنه عندما بدأ الشفاء من مرضه، عاد مسرعاً إلى محله للعمل في مهنته التي ورثها أباً عن جد، على الرغم من أنه لم يتماثل الشفاء الكامل بعد، ويواجه صعوبة في العمل.
توارث المهنة
وبين أنه لا يستطيع العمل بمفرده داخل ورشته، نظراً لإصابته بجلطة دموية في يده وقدمه ويواجه صعوبة في التعامل مع أدوات النجارة، ولكن أحفاده يساعدونه في بعض الأشياء، ويكتسبون خبرة في تلك المهنة، التي تعتبر شيئا وراثيا في العائلة.
وأكد بلبل، أن يستغل جلوس أحفاده بجانبه خلال ممارسته مهنة النجارة العربية، بإرشاده لهم في كيفية التعامل مع الأدوات بشكل احترافي، مضيفاً "أنا بعلمهم عشان ضل هذي المهنة وراثية ويضلهم متمسكين فيها ويعلموها لأولادهم".
عشق المهنة
وقال، "والله لما بأقعد في ورشتي بأشعر حالي إنه أنا عايش وحي لسه ما متت، ولكن وأنا بالبيت بأشعر حالي كل يوم بأموت، مستحيل أترك هذي المهنة الا لما ربنا يوخذ أمانته، لأنه هاي المهنة مغروسة في دمي ونفسيتي".
وأوضح بلبل، أن يستخدم أخشاب الحمضيات في صناعة الكثير من الأدوات والضيافة العربية، منها المهباش والمسحال والمدقة التي يتم استخدامهم في تحميص القهوة وسحقها ويكون للقهوة العربية مذاق خاص عند شربها، منوهاً الى أنه هو الوحيد الذي قام بصناعة مهباش القهوة على يده في غزة.
وأضاف، أنه يصنع أشكالاً أخرى من الأخشاب الطبيعية، مثل العصي بجميع أشكالها لأدوات البناء، والشوبك، المدقات، المحراث، والمذراة، مبيناً أن أسعار تلك المنتجات تختلف كل قطعة عن الأخرى حسب الجهد التي يبذله في الصناعة.
لا شيء يستعصى علينا
وأكد بلبل، أن أي أداة يطلبها الزبون يستطيع صناعتها حتى لو كان أول مرة يقوم بصناعتها، مبيناً أن الكثير من زملاؤه في المهنة يأتون اليه كل يصنع لهم بعض الأدوات التي لم يستطيعون عملها، متابعاً أنه قام بابتكار ميزان بأدوات بسيطة وغير مكلفة للبائعين.
وأضاف، أنه يستخدم في صنع منتجاته آلات يدوية ورثها عن آبائه وأجداده تعود إلى مئات السنوات، كفأرة لحف الخشب يصل عمرها إلى 150 عاماً، آلة تقطيع، المطرقة، المبرد، شاكوش، القدوم، المنشار اليدوي.