سلوى عمار|| أضرار عديدة لحقت بقطاع غزة، بعدما قرر الاحتلال الإسرائيلي أن يمارس كعادته سياساته التعسفية، فبعد مرور أكثر من ستين يوماً على إغلاق معابر قطاع غزة، ظهرت العديد من الأزمات التي يصعب على المواطن الغزي تحملها.
الخضري: مليونا فلسطينيا يعيشون ظروفاً حياتية قاسية
رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار النائب جمال الخضري، طالب المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي لفتح معابر قطاع غزة، ودخول مستلزمات حياتية تقدر بحوالي ١٠٠ مليون دولار تحتجزها إسرائيل وتمنع مرورها منذ حوالي ٦٠ يوماً وهو تاريخ إغلاق المعبر بشكل شبه كامل.
الخضري ناشد الاتحاد الأوروبي والأمين العام للأمم المتحدة بالتدخل العاجل لإنقاذ الأوضاع الحياتية المتدهورة جراء استمرار الحصار وتشديده، ما فاقم معاناة مليوني فلسطيني يعيشون ظروفاً حياتية قاسية، موضحاً أن إغلاق المعابر ومنع دخول البضائع كبّد الاقتصاد في غزة خسائر فادحة، وأصبحت ٩٠٪ من مصانع القطاع في حُكم المغلق، إلى جانب ارتفاع معدلات البطالة لتصل قرابة ٦٠٪.
كما أشار الخضري إلى أن هذا الأمر يترافق مع استمرار منع الاحتلال دخول مواد البناء سواء للبناء الطبيعي للمساكن والمدارس والمستشفيات والجامعات، أو لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال خلال عدوان مايو الماضي، داعياً إلى ضرورة الإسراع في فتح المعابر والسماح بدخول كافة البضائع المحتجزة قبل حلول عيد الأضحى المبارك، خاصة أن تجار غزة وأصحاب هذه البضائع يتكبدون الخسائر منذ العدوان الأخير وحرمانهم من موسم عيد الفطر وما بعده، فقسم من هذه البضائع مرتبط في الغالب بموسم الأعياد وعدم دخولها ما قبل العيد يعني كارثة مركبة تستهدف التجار ما بعد خسارتهم موسم العيد الماضي.
وأكد الخضري على ضرورة إخراج فتح المعابر من أي معادلة سياسية أو أمنية، باعتبار أن هذه المعابر وجدت لتبقى مفتوحة في وجه حركة الاستيراد والتصدير، لافتاً إلى أن إغلاق المعابر خرق فاضح للقانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
مع الإغلاق تضررت مناحي عديدة في القطاع، وأبرزها القطاع الزراعة الذي تأثر كثيراً وتدهورت الزراعة التصديرية بشكل كبير، ما دفع المزارعون والتجار من قطاع غزة، بإطلاق مناشدة عاجلة إلى المؤسسات الحقوقية والدولية وكافة الجهات المعنية بالقطاع الزراعي، بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي لفتح معبر كرم أبو سالم أمام تسويق وتصدير المنتجات الزراعية من غزة للضفة الغربية والخارج.
كما حذرت وزارة الزراعة، في بيان أصدرته الثلاثاء الماضي، من أن السلة الغذائية لسكان قطاع غزة تقترب من حافة الخطر، وذلك نتيجة لتكبد المزارعين خسائر فادحة وعزوفهم عن الزراعة، بسبب إغلاق الاحتلال الإسرائيلي لمعبر كرم أبو سالم في وجه الصادرات الزراعية لأكثر من خمسة أسابيع على التوالي، موضحة أن قيمة الخسائر التي لحقت بقطاع الصادرات الزراعية والأسماك نتيجة إغلاق معبر كرم أبو سالم بلغت نحو (12مليون $)، مؤكدة أن إطالة أمد الإغلاق من قبل الاحتلال الإسرائيلي، سوف يضاعف من خسائر المزارعين والتجار الفلسطينيين.
وأشارت الوزارة، إلى أنه تولد لدى المزارعين نوايا للعزوف عن الزراعة في ظل تدني الأسعار المحلية ومنع الاحتلال السماح لمنتجاتهم بالتسويق للضفة الغربية والتصدير للدول العربية، فضلاً عن منع إدخال مستلزمات الإنتاج، محذرة من أن استمرار هذا الوضع، سوف ينعكس على السلة الغذائية للمواطنين في القطاع.
الأغا: القطاع الزراعي يعيش أسوأ حالاته
أوضح عاهد الأغا، مدير جمعية خان يونس الزراعية التعاونية، أن نحو 250 مزارعاً وتاجراً وعاملاً ينتمون للجمعية تضرروا من جراء الاغلاق والمنع الإسرائيلي، موضحاً أن توقف التصدير نتيجة لإغلاق المعبر، أدى إلى خسارته نحو 20 ألف دولار، فضلاً عن خسارة المنتمين للجمعية من المزارعين والتجار مئات آلاف الدولارات وتدني أسعار السلع الزراعية في الأسواق بشكل كبير.
وأكد الأغا أن الأزمة انعكست سلبيا على التصدير الزراعي، وتضررت جميع المنتجات، فالقطاع الزراعي الآن يتعرض لأسوا أوقاته، حيث أن جميع الخضروات يتم تسويقها في السوق المحلي، فالعرض أصبح كبير جدا والطلب متوسط ولا يحتمل قوة العرض الحالية، حيث كانت الأسواق في الضفة الغربية والخارج تساعد في عملية التخفيف من العرض داخل الأسواق المحلية ولكن الأن أصبحت جميع المنتجات الزراعية تصب في السوق المحلي، فأدت إلى كساد كبير وانخفاض كبير وحاد في أسعار الخضروات وهو الشيء الذي انعكس على المزارعين والعمال والمُصدّرين والتجار والمسوّقين وكل من ينتمي لهذه السلسلة.
مطالبات أممية بتخفيف القيود
وعلى المستوى الدولي، طالبت منسقة الأمم المتحدة الإنسانية لشؤون الأرض الفلسطينية المحتلة لين هاستينغز، سلطات الاحتلال برفع كامل الإغلاقات التي تفرضها على قطاع غزة، قائلة من خلال بيان لها عقب زيارتها مؤخرًا إلى قطاع غزة، إنه لسوء الحظ فإنه منذ بداية التصعيد في 10 مايو/ أيار الماضي، لا يزال دخول البضائع عبر معبر كرم أبو سالم يقتصر على المواد الغذائية والإمدادات الطبية والوقود والعلف وكميات ضئيلة من المدخلات الزراعية وغيرها من المواد المحددة في إطار ضيق.
وشددت هاستينغز، أنه على إسرائيل تخفيف القيود التي تفرضها على حركة البضائع والأشخاص في قطاع غزة ومنها إلى خارجها، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 1860 عام 2009 بهدف رفعها في نهاية المطاف، موضحة أنه دون العودة إلى إدخال البضائع على نحو منتظم ويمكن توقعه إلى غزة، فإن قدرة الأمم المتحدة وقدرة شركائنا على تنفيذ التدخلات الحيوية معرضة للخطر، مثلما هو حال سُبل عيش الناس في غزة والخدمات الأساسية التي تقدَّم لهم.
ولفتت هاستينغز إلى أن الأمم المتحدة تقدر حاليا أن 250 ألف شخص لا يزالون يفتقرون إلى إمكانية الحصول على المياه المنقولة بالأنابيب بانتظام، وأن 185 ألفا آخرين يعتمدون على مصادر المياه غير المأمونة أو يدفعون أثمانًا أعلى لقاء المياه المعبّأة، معتبرة أنه لا يمكن الوفاء بالاحتياجات الإنسانية بما فيها استئناف خدمات المياه والصحة والصرف الصحي الأساسية وإعادة إعمار غزة دون إدخال طائفة واسعة من اللوازم، بما فيها المعدات ومواد البناء الضرورية لإسناد أعمال الترميم والأنشطة الإنسانية، وأكدت ضرورة التوصل إلى حل مستدام للأزمة الإنسانية والإسهام في الاستقرار على المدى الطويل من خلال رفع الإغلاقات المنهِكة بكاملها.
اتفاقية المعابر تهدف لتحسين النشاط الاقتصادي الفلسطيني
اتفاقية المعابر بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية أو كما تعرف باسم اتفاقية حركة التنقل والوصول هي اتفاقية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية تم توقيعها في 15 نوفمبر 2005 بهدف تحسين تنقل الفلسطينيين ونشاطهم الاقتصادي داخل الأراضي الفلسطينية، وفتح الحدود بين مصر وغزة.
مع ازدياد التعنت والصلف الإسرائيلي، وإحكام قبضته الأمنية وحصاره على قطاع غزة، بات قرابة مليوني شخص، يواجهون قسوة الحياة بإمكانيات محدودة، بعدما عزلهم الاحتلال لأكثر من 60 يوما عن العالم، رافضا دخول أو خروج أية بضائع، ما جعل القطاع على حافة الإفلاس الاقتصادي، الأمر الذي يحتم على العالم التدخل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.