سلوى عمار: فشل جديد يضاف إلى قائمة مطوّلة من الإخفاقات التي تتعرض لها ليبيا، فكلما ظهرت مؤشرات مُبشرة باقتراب حل العُقدة الليبية، فجأة تظهر تعقيدات جديدة تُنذر بأزمة أخرى تلوح في الأفق، ما يوحي باستحالة أو صعوبة التوصل إلى تسوية تنهي فترات الخلاف.
فبعد الحديث عن التوصل إلى حل جذري للخلاف الليبي القائم منذ سنوات، وأن الليبيين أخيراً أنهوا أزماتهم وباتت بلادهم قاب قوسين أو أدنى من التوصل إلى أهم استحقاق دستوري شرعي ألا وهو الانتخابات البرلمانية والرئاسية المزمع عقدها في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل، ظهر على السطح خلاف جديد ما يوحي بتساؤل مهم :"كيف سيتمكن الشعب الليبي من إجراء الانتخابات التي تتطلب أجواءً ديمقراطيةً وتناغماً تاماً في ظل صعوبة التوصل إلى ملتقى توافقي تشاوري بدون خلاف؟".
إعلان فشل محادثات ملتقى الحوار السياسي
قبل يومين، أثار إعلان ريزيدون زينينجا، الأمين العام المساعد ومنسق الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عن فشل أخر جولات محادثات ملتقى الحوار السياسي الليبي، حالة من الاستهجان في أوساط الليبيين وأيضاً المجتمع الدولي خاصة وأنه كانت هناك آمالاً كبيرةً في إتمام الاستحقاق الانتخابي وانتهاء المرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد منذ 2011.
وأكد زينينجا، أن الشعب الليبي سيشعر بالخذلان بالتأكيد، إذ أنه لا يزال يتوق إلى الفرصة المواتية لممارسة حقه الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 ديسمبر، معتبراً أن هذا لا يبشر بخير لمصداقية وأهمية منتدى الحوار السياسي الليبي في المستقبل.
وبهذا فشلت لجنة الحوار السياسي بجنيف في جولتها التفاوضية الأخيرة، من التوصل إلى الاتفاق على القاعدة الدستورية للانتخابات، حيث كانت الجولة هادفة للتمهيد لإجراء انتخابات ليبية في أواخر ديسمبر المقبل.
الجيش الليبي: فشل ملتقى الحوار السياسي كان متوقعا
أكد الجيش الليبي أن فشل ملتقى الحوار السياسي في التوصل لأرضية مشتركة بشأن الانتخابات، معتبراً أن المجتمعين في جنيف لم يكونوا على مستوى الأمانة ولم يهمهم الشعب ومعاناته واهتموا بمكتسباتهم تحقيقا لرغبة الطرف الذي يملك المال ويخاف الانتخابات لأنها ستفضحه.
وسبق أن حذر الجيش - في بيان له بتاريخ 22 يونيو الماضي - من خطورة تأجيل الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر المقبل، موضحا أن ذلك سيكون أمرا غير مقبول.
تسريبات تكشف جوهر الخلاف المتمثل في القاعدة الدستورية
كشفت تسريبات من داخل الملتقى، عن نشوب خلافات كبيرة على مدار اليومين الماضيين حول اقتراحات بشأن القاعدة الدستورية، الاقتراح الأول هو عقد انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة في ديسمبر على قاعدة دستورية مؤقتة، والثاني عقد انتخابات برلمانية على قاعدة دستورية مؤقتة وإرجاء الانتخابات الرئاسية بعد إقرار دستور دائم، والثالث عقد انتخابات رئاسية وبرلمانية بعد إقرار الدستور المعدل بموجب مسودة مشروع الدستور خلال المرحلة التمهيدية، ولم يتم الاتفاق حول أي منهم.
بالإضافة إلى أن الخلافات في اجتماع جنيف نشبت على آلية انتخاب الرئيس، وما إذا كانت من قبل البرلمان أو بالاقتراع السري من خلال الشعب، كما انتقل الجدل أيضاً إلى البرلمان، وهل سيتشكل من غرفة واحدة أو غرفتين.
الإخوان سبب عرقلة الملتقى لمحاولة تأجيل الانتخابات
أكدت مصادر مطلعة، أن بعض المعرقلين نجحوا في مساعيهم" في إشارة إلى تبني الإخوان مقترحا يقضي بتأجيل الانتخابات، بزعم إجراء استفتاء على مشروع الدستور أولا، موضحةً تلقي أعضاء بالملتقى رسائل تهديد للضغط عليهم من أجل تغيير مواقفهم، بعضها من زملاء لهم، حيث كان هناك حديث في الأروقة حول استخدام المال السياسي لإقناع البعض بتبني وجهات نظر تخدم الموقف الإخواني الساعي لتعطيل الانتخابات.
وأيّد هذا الأمر الكاتب الصحفي الحسين الميسوري، بأن الإخوان وحلفاءهم سعوا منذ البداية إلى تعطيل الذهاب إلى الانتخابات لأنهم يريدون عرقلتها بأي حجة، موضحاً أنه رغم الخلافات بين بعض الأشخاص في هذا التحالف، يجمعهم في ذلك أن بقاءهم في المشهد السياسي سيكون عبر اقتسام السلطة، وأن إجراء الانتخابات سوف يطيحهم خارج السلطة، مقابل أن هناك أصواتا في الملتقى دعت منذ البداية إلى الذهاب للانتخابات والسماح للشعب الليبي بتقرير مصيره.
المشاركون في المؤتمر يعلنون رفضهم الخروج عن بنود خارطة الطريق
بعض المشاركين أعلنوا رفضهم صراحة للخروج عن أي بند من بنود خريطة الطريق المتمثلة في إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في ديسمبر المقبل، ومن جانبها، علّقت عضوة لجنة الحوار زهراء لنقي، على الأمر بأنها لن تكون ضمن شهود زور ولن تسمح بالتدليس وبتضييع البوصلة وإجهاض خريطة الطريق، قائلة: "لا للمغالبة ولا للتدليس، لن نقبل بالتصويت على ما هو مخالف لخارطة الطريق".
بدوره، قال عضو لجنة الحوار أحمد الشركسي، إنه لن يشارك في جريمة تاريخية في حال تم التصويت على مقترح تأجيل الانتخابات الممهور زوراً باستفتاء قبل الانتخابات، في ضرب واضح للخريطة ولقرارات مجلس الأمن، معلناً انسحابه من هذا العبث إذا ذهبوا لذلك وسيطالب بالنظر في كل الخارطة مجددا بما فيها السلطة التنفيذية القائمة إذا تم العبث بالانتخابات.