مجلس ترامب للسلام في غزة..الخديعة الكبرى
نشر بتاريخ: 2025/12/23 (آخر تحديث: 2025/12/23 الساعة: 16:24)

منذ أعلن الرئيس الأمريكي ترامب خطته العشرينية حول حرب غزة، وما تلاها من مسميات "تجميلية"، اتفاق شرم الشيخ وقرار مجلس الأمن 2803، لم يذهب نحو خطوة عملية في مسار وقف الحرب، وليس وقف الموت، بما يعيد بعض ملامح البعد الإنساني في قطاع غزة، مكتفيا بأغنية "أنهيت حرب الـ 3000 عام".

عندما تم الاتفاق على تشكيل "مجلس السلام" حددت مهامه، بأنه القيادة العليا في قطاع غزة برئاسة ترامب شخصيا، مع شخصيات عالمية بينها حكام دول ذات ثقل عام، لتضع كل ملامح المرحلة الجديدة بعد "وقف الحرب"، ويشرف على تنفيذ "خطة العشرين" أو "اتفاق شرم الشيخ" وتاليا القرار الأممي، وفق تناسق محدد.

وبعد 73 يوما من اتفاق شرم الشيخ، لم يتم القيام بأي خطوة عملية ترتبط بتشكيل مجلس السلام، ما يؤدي لعرقلة الخطوات المتلاحقة، التي ترتبط به، ومنها مسائل جوهرية لا يمكن التغاضي عنها، كالاتفاق على الجسم التنفيذي له، خاصة بعدما تم الاستغناء عن بلير كشخصية محتملة، دون تحديد شخصية بديلة، الخطوة التي تعتبر مفتاح ما يليها من خطوات، كوجود قوة الاستقرار الدولية، ومعها اللجنة الإدارية المحلية، التي ستكون أداة الخدمة الخاصة للمجلس التنفيذي.

عدم القيام بخطوات عملية حول القضايا المركزية التي لا يمكن الذهاب لمرحلة تنفيذ الاتفاقات، يمنح دولة الاحتلال سلطات مضافة للقيام بترتيب المشهد الغزي وفقا لرؤية حكومة الفاشية اليهودية، بما فيها فتح قطاع غزة أمام بعد "استيطاني مؤقت" كرشوة لأطراف التحالف الحكومي، وتحت مسميات مختلفة، مع خطوات تغيير ملامح المنطقة الصفراء، التي يتم الحديث عنها بأنها ستكون "النموذج الخاص" لواقع القطاع ضمن رؤية كوشنير الخاصة.

عدم ذهاب إدارة ترامب للقيام بخطوات عملية جادة، ليس ضعفا أو عدم وجود قدرة، بل هي انعكاس لجوهر الرؤية الحقيقية لها حول القضية الفلسطينية بكامل مكوناتها، التي تقوم على تدمير الوجود الكياني والمشروع الموحد، يرتبط بما أعلنته حول خطر الدولة الفلسطينية، في تصريحات وزير خارجيتها روبيو، عشية عقد مؤتمر تحالف الدولتين، ومطالبته لاحقا للرئيس الفرنسي وقف الاعتراف بها.

التأخير الأمريكي بترسيم أدوات تنفيذ الاتفاقات في قطاع غزة، يمنح دولة الاحتلال زمنا مضافا لتهويد الضفة الغربية والقدس، في ظل خطف "النور" من الخطر الأهم على القضية الفلسطينية نحو ما يسمى بـ "اليوم التالي"، وصمتها على المخطط الاستيطاني الكبير الذي بدأ بموافقة حكومة دولة الاحتلال كمؤشر واضح على ما تراه وتريده لاحقا.

الإدارة الأمريكية، تدرك أن قطاع غزة لا يملك القدرة على مواجهة المخطط الذي تقوم به، وارتضى البقاء على "قائمة الانتظار"، فيما يستخدم حركة حماس وشعاراتها الوهمية، وتصريحات بعض قياداتها الخدماتية، ذريعة لا أكثر.

يبدو أن المرحلة المقبلة تنتظر وضع قواعد "اليوم التالي" في الضفة والقدس قبل الذهاب إلى "اليوم التالي" في قطاع غزة، باعتبارها نقطة الانطلاق المركزية للترتيبات الإقليمية الجديدة في سياق "الرؤية الأمريكية المستحدثة".

ترامب يعيش "عصر الشعارات الرنانة" بدل القيام بـ "خطوات عملية رنانة"، معتقدا أن "مديح الرسمية العربية المتتالي" سلاحه لاستمرار الخديعة حول ما سيكون مشروعا أمريكيا إذابيا للهوية الفلسطينية، كيانيا ووجودا.

مواجهة "المشروع الإذابي" الترامبي يجب أن تصبح على جدول الأعمال الوطني، بكل ما يمكن أن تكون، صاخبة سياسية وهادئة في الأساليب.