صوت المقطوعة رواتبهم… بين وجع الانتظار وحق العودة إلى الحياة
نشر بتاريخ: 2025/12/05 (آخر تحديث: 2025/12/05 الساعة: 14:58)

منذ سنوات، يقف مئات العسكريين والمدنيين الذين قُطعت رواتبهم عند بوابة واحدة لا تُفتح، يحملون ملفاتهم المكدّسة بالوجع، وينتظرون قرارًا يعيد لهم ما سُلب منهم: راتبٌ كان يعني بيتًا مستورًا، ودواءً، ومدرسة، وكرامة.

لم تكن الجريمة فسادًا، ولا تقصيرًا، ولا غيابًا عن الواجب…

بل كانت عملية قطع الرواتب – كما يعرف الجميع – قرارًا خرج من لجان أمنية كتبت بسمّ أقلامها السوداء، ورفعت ضدهم تهمة جاهزة:

"رأي سياسي أو تنظيمي مخالف للنظام".

وكأن الديمقراطية قُتلت في مهدها، وكأن حانوتي الأحلام وقفوا على باب المستقبل يدشّنون مراسم دفنها، ويعلنون أن الاختلاف جريمة، وأن الصوت الآخر يُعاقب بقطع رزق أطفاله.

هؤلاء الذين خدموا الدولة، ووقفوا على الحواجز، وحملوا الأختام، وفتحوا أبواب المؤسسات، وجدوا أنفسهم فجأة خارج السلك، خارج الحياة، وخارج الحسابات.

تحوّل الراتب من رقم شهري إلى معركة بقاء يومية، ومن مصدر رزق إلى ذاكرة مؤلمة تُسأل كل ليلة:

"بأي ذنب نُعاقب؟ ومن أعطى الحق بقطع خبز أولادنا؟"

وفي ظل الحرب القاسية على غزة، وتداعياتها على الضفة والقطاع معًا، يتشبث المقطوعة رواتبهم بصوت واحد…

فخامة الرئيس محمود عباس.

فهو صاحب الكلمة القادرة على إنهاء معاناتهم، خصوصًا بعد تصريحاته في وسائل الإعلام حول "العفو" وإعادة الحقوق. كان ذلك التصريح بمثابة نافذة ضوء أعادت لهم الأمل بأن تُغلق هذه الصفحة السوداء، وأن يُعاد كل موظف إلى مكانه الطبيعي بلا عراقيل ولا تهم ملفّقة.

وليس خافيًا الدور الذي لعبه القائد محمد دحلان، قائد تيار الإصلاح الديمقراطي، في حمل هذا الملف والدفاع عنه منذ سنوات. وقف معهم، نقل صوتهم، دعم أسرهم، وحافظ على حضور قضيتهم في كل المحافل، ليبقى هذا الجرح مفتوحًا أمام كل مسؤول.

إن إعادة الرواتب اليوم ليست إجراءً ماليًا ولا خطوة إدارية؛

إنها عدالة مؤجلة، وكرامة مستباحة، وحقوق ينبغي أن تعود إلى أصحابها فورًا، خاصة في هذا الظرف الوطني الحساس.

فلا يجوز أن تبقى عائلات بأكملها رهينة تقارير لجان أمنية أو اجتهادات أشخاص كتبوا مصائر الناس بمداد الظلم.

لقد طال الانتظار… وقست الحياة… وتراكمت الديون والوجع.

آن الأوان أن تُطوى هذه الصفحة نهائيًا، وأن يُعاد الحق إلى أصحابه.

فالراتب ليس مكافأة… الراتب حياة.