تفريغات 2005… ملفٌ معلّق على أبواب رام الله
نشر بتاريخ: 2025/12/04 (آخر تحديث: 2025/12/05 الساعة: 14:07)

منذ عشرين عامًا، ما زال آلاف الشباب الذين التحقوا بالأجهزة الأمنية ضمن تفريغات 2005 يعيشون بين سؤالٍ مُؤجَّل وحقٍّ ضائع. يتأرجحون بين الحقيقة والخيال، ويعانون قسوة الماضي وعذاب الحاضر.

التحقوا بزيّهم العسكري، وخضعوا لتدريباتهم، ودخلوا المؤسسة الأمنية بوعودٍ واضحة: وظيفة ثابتة، راتب كريم، ومستقبل آمن. لكن الانقسام السياسي وما تبعه من قرارات غير مكتملة حوّل تلك الوعود إلى أزمةٍ ممتدة، وترك جيلًا كاملًا يواجه مصيره بيدٍ فارغة ومستقبلٍ مجهول.

تُقدّر التقارير أن عدد المنتسبين آنذاك بلغ نحو 12 ألف عسكري، تقلّص لاحقًا إلى قرابة 8 آلاف ما زال جزء كبير منهم ينتظر اعترافًا رسميًا بوظيفته، وترتيبه، وحقوقه المتراكمة. يتقاضى بعضهم ما يشبه «الإعانة الاجتماعية»، بينما يتعامل الواقع معهم كأنهم خارج السلك، رغم أنهم جزء من المنظومة منذ لحظتهم الأولى.

في المشهد الداخلي، تتكرر الوعود. ففي عام 2021 أصدر الرئيس محمود عباس توجيهات للحكومة بإنهاء الملف ودمج العناصر في سجلات الأجهزة الأمنية، لكن القرار بقي حبيس اللجان والتفسيرات والإجراءات غير المكتملة. وبين تصريحٍ وآخر، يتآكل الوقت، ويتآكل معه صبر الشباب الذين ينتظرون إنصافًا طال غيابه.

معاناة «تفريغات 2005» ليست مجرد أرقام في كشوف الرواتب. إنها حياةٌ مؤجلة، وبيوتٌ تقف على حافة الانتظار، وشبابٌ سرقته التقلبات السياسية من حقّه في الاستقرار.

أزمة الرواتب لم تُجزَّأ فقط، بل فُتّتت، حتى أصبح العسكري يطارد حصةً من راتبه أكثر مما يلاحق أي امتيازٍ وظيفي آخر.

هذا الملف — بامتداده وتعقيده — لم يعد يحتمل التأجيل. فهو كابوسٌ يخطف حلم الشباب منذ 2005، ويستحق أن يُغلَق بقرارٍ حاسم، واضح، وعادل؛ يعيد لكل موظف مكانته وحقوقه، ويضع حدًا للضباب الذي خيّم على مستقبل آلاف الأسر.

الخلاصة:

تفريغات 2005 ليست قضية «إدارية» أو «مالية» فحسب، بل قضية كرامة وحقوق ووعودٍ لم تُستكمل.

والمطلوب اليوم من الرئيس محمود عباس والحكومة الفلسطينية ليس لجنة جديدة ولا وعودًا إضافية، بل حلٌّ نهائي يعيد للأجهزة الأمنية هيبتها، وللشباب حقوقهم، وللملف — أخيرًا — نهايته العادلة، خصوصًا في ظل حرب الاحتلال على قطاع غزة.

لقد قُتل عددٌ منهم في انقلاب حماس، خاصة في موقع «قريش»، واستُشهد آخرون في الحروب المتتالية على القطاع.

وأنا أقول: أنقذوا ما تبقّى من تفريغات 2005، وامسحوا علامات الخوف من تجاعيد وجوههم التي أتعبها الانتظار.