لا آلية واضحة للتطبيق ولا الرقابة… أي أن من يملك القوة يملك التفسير والتنفيذ
نشر بتاريخ: 2025/11/19 (آخر تحديث: 2025/12/05 الساعة: 18:22)

قرار مجلس الأمن رقم 2803 لسنة 2025 يشكّل أخطر نقطة تحول في ملف غزة منذ بدء الحرب. القرار تم تمريره بأغلبية كاسحة. ثلاثة عشر صوتًا مؤيدًا. صوتين ممتنع. ولا دولة اعترضت عليه. ما يعني أن المشروع الأمريكي لم يعد مجرد رؤية سياسية. بل أصبح وثيقة دولية مُلزِمة ونافذة.

يبدأ القرار بفرض واقع جديد على غزة من خلال تشكيل هيئة انتقالية تتولى الإدارة المدنية والأمنية. ما يعني فعليًا إزاحة القوى المحلية عن مراكز النفوذ. هذه الهيئة ستعمل حتى نهاية عام 2027 دون أي آلية رقابية واضحة. وهو ما يترك الباب مفتوحًا أمام إدارة مطلقة من الجهات التي تملك القوة على الأرض.

ويتضمن القرار نشر قوة دولية في شوارع غزة وعلى المعابر كافة. بمهام تجمع بين حفظ الأمن وضبط الحركة ومنع أي نشاط مسلح. هذا الوجود سيحوّل القطاع إلى منطقة مراقبة دائمة تتحكم بها جهات أجنبية. ويمنح القوة الدولية سلطة تفسير وتنفيذ القرار كما تشاء. بما أن النص لا يحدد حدود تدخلها ولا كيفية محاسبتها.

أخطر ما في القرار نصه الصريح على تفكيك سلاح أي شكل من أشكال المقاومة. هذه النقطة ليست مجرد بند عابر. بل هي جوهر المشروع. لأنها تعني إنهاء النموذج المقاوم الذي شكّل عنوان غزة طوال عقود. وتحويل القطاع إلى مساحة منزوعة الإرادة العسكرية والسياسية.

وتتولى الولايات المتحدة الإشراف المباشر على إعادة الإعمار. بحيث لا يُصرَف حجر واحد إلا وفق شروط سياسية. بينما يتم تدريب أجهزة أمنية تابعة للسلطة الفلسطينية لتتسلم لاحقًا السيطرة الداخلية. في إطار رؤية أمريكية لإعادة هندسة المشهد الفلسطيني بالكامل.

يمنح القرار وعدًا أمريكيًا بالاعتراف بدولة فلسطينية بعد سنتين. لكن بشرط تنفيذ “إصلاحات داخلية”. وهو شرط فضفاض يتيح لواشنطن تعليق الوعد أو سحبه في أي وقت. ليبقى الملف السياسي رهينة بيد الإدارة الأمريكية.

وفي الخلاصة. الرسالة واضحة إلى حد القسوة.

لا دور لحماس ولا أي تنظيم فلسطيني في مستقبل غزة و لا سلاح في يد أي تنظيم.

لا سياسة ولا إدارة ولا اقتصاد ولا امن لا رواتب ولا إعمار إلا من بوابة أمريكية إسرائيلية مشتركة.

مجلس السلام بقيادة ترمب سيملك القرار والهواء الذي يتنفسه أهل غزة. بينما تُطوى صفحة المقاومة وتُفتح صفحة جديدة عنوانها السيطرة الدولية المباشرة.

والله غالب.