تحقيق “حشد” يكشف إخفاق الأمم المتحدة في حماية المدنيين بغزة
نشر بتاريخ: 2025/11/18 (آخر تحديث: 2025/12/05 الساعة: 16:43)

أصدرت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد” تحقيقًا حقوقيًا موسعًا بعنوان: “انهيار منظومة الحماية الأممية في غزة: عامان من الجرائم المستمرة”، أعدته الباحثة لبنى ذيب، يسلط الضوء على أحد أخطر الإخفاقات الدولية في حماية المدنيين الفلسطينيين خلال عامين من النزاع المستمر في قطاع غزة. ويرصد التحقيق تصاعد الانتهاكات والجرائم المنهجية، إلى جانب تحليل شامل لقصور المنظومة الدولية وغياب أي فعل فعّال من قبل الأمم المتحدة لوقف التدهور الكارثي في مختلف جوانب الحياة.

ويشير التحقيق إلى أن قطاع غزة شهد خلال العامين الماضيين انتهاكات جسيمة ومنهجية للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، حيث تعرض المدنيون لعنف واسع النطاق واستهداف مباشر وعقاب جماعي، وسط حصار خانق ومنع وصول المساعدات الإنسانية، واستهداف متكرر للبنية التحتية الحيوية، ما أدى إلى تدمير المستشفيات، المدارس، المساكن، ومراكز الإيواء. ويؤكد التقرير أن هذا النمط من الاستهداف لا يمكن اعتباره مجرد نتيجة للأعمال العسكرية، بل يمثل سياسة ممنهجة تندرج تحت تعريف جريمة الإبادة الجماعية، نظرًا لتوافر النية لإلحاق الضرر الجماعي بالسكان المدنيين.

يوثق التحقيق نزوح مئات آلاف المدنيين المتكرر بين مراكز إيواء تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة، حيث تعاني العائلات من نقص المياه الصالحة للشرب، توقف شبكات الصرف الصحي، غياب الخدمات الأساسية، انتشار الأمراض المعدية، تفاقم سوء التغذية، والأزمات النفسية، خصوصًا بين الأطفال الذين يعيشون حالة مستمرة من الصدمة والخوف. ويشير التقرير إلى أن هذه الظروف تمثل انتهاكًا صارخًا للحق في الحياة والكرامة والعيش الآمن.

كما يعرض التحقيق الانهيار الكامل للمنظومة الصحية في القطاع، نتيجة تدمير المستشفيات واستهداف الطواقم الطبية، ومنع دخول الأدوية والوقود، ما حرَم آلاف الجرحى والمرضى من العلاج العاجل، ورفع معدلات الوفيات. ويضيف التحقيق أن المستشفيات العاملة باتت عاجزة عن التعامل مع حجم الإصابات، وسط غياب الكهرباء وتراكم النفايات الطبية، ما يزيد خطر انتشار الأوبئة وتلوث مصادر المياه.

ويقدم التقرير توثيقًا للدمار البيئي في القطاع جراء القصف المتواصل، ما أدى لتسرب ملوثات خطيرة للتربة والمياه الجوفية، وانتشار ركام المباني المهدمة، ما يهدد الصحة العامة والأمن الغذائي، في حين أسفر توقف محطات التحلية والصرف الصحي عن تلويث البحر والمناطق الساحلية، مسببة أضرارًا طويلة الأمد.

وعلى الصعيد القانوني، يشير التحقيق إلى فشل المنظومة الدولية والأمم المتحدة في اتخاذ إجراءات تحمي المدنيين أو تضمن تنفيذ القانون الدولي، رغم التقارير اليومية وقرارات محكمة العدل الدولية، التي لم تُنفذ، وهو ما وصفه التحقيق بأحد أكبر الانهيارات المؤسسية في تاريخ المنظمة. ويشير التحقيق إلى عجز مجلس الأمن الدولي عن إصدار قرارات ملزمة لوقف العمليات العسكرية أو حماية المدنيين بسبب فيتو الدول الكبرى، ما أتاح استمرار الجرائم دون عقاب.

ويخلص التقرير إلى أن صمت المجتمع الدولي وتردده منح حالة الإفلات من العقاب فرصة للتمدد، مستمرًا لأكثر من عامين دون محاسبة، مؤكدًا أن استمرار الوضع الراهن يشكل تهديدًا مباشرًا للنظام الدولي ويقوض مبادئ العدالة وحقوق الإنسان.

وتطالب الهيئة الدولية “حشد” في ختام التحقيق باتخاذ إجراءات عاجلة تشمل وقف العمليات العسكرية فورًا، رفع الحصار وفتح ممرات إنسانية آمنة، ضمان إدخال المساعدات، توفير حماية دولية للمدنيين، وفتح تحقيق دولي مستقل لمحاسبة المسؤولين عن الجرائم. كما تؤكد الهيئة أن إعادة إعمار غزة وتوفير الحياة الكريمة لسكانها يتطلب إرادة دولية مسؤولة وتطبيق القانون الدولي بعيدًا عن الانتقائية، معتبرة حماية المدنيين في غزة اختبارًا جوهريًا لمصداقية الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.

للاطلاع على الورقة بالكامل اضغط هنا