نشر بتاريخ: 2025/12/14 ( آخر تحديث: 2025/12/14 الساعة: 08:52 )

قوة الاستقرار الدولية في غزة بين الخلافات السياسية وضغوط الواقع الميداني

نشر بتاريخ: 2025/12/14 (آخر تحديث: 2025/12/14 الساعة: 08:52)

الكوفية الدوحة – تستضيف العاصمة القطرية، الدوحة، يوم الثلاثاء، اجتماعًا عسكريًا لمناقشة تشكيل ما يُعرف بـ"قوة الاستقرار الدولية" في قطاع غزة، وهي القوة المنصوص عليها في خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ودخلت حيّز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وحظيت بدعم من مجلس الأمن الدولي في نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت.

ويأتي الاجتماع المرتقب في ظل حالة من الغموض التي تكتنف مستقبل هذه القوة، وتعثر الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وسط تباين في المواقف السياسية والأمنية. ويرى خبراء أن الاجتماع يمثل محاولة لسد فجوات رئيسية، تتعلق بطبيعة مهام القوة، وهيكل قيادتها، وقضايا حساسة مثل الوجود داخل القطاع ونزع السلاح، وهي ملفات تواجه اعتراضات من فصائل فلسطينية، إلى جانب ما تصفه مصادر بـ"فيتو إسرائيلي" على مشاركة بعض الدول، وفي مقدمتها تركيا.

وبحسب وكالة "رويترز"، يتوقع مسؤولون أميركيون أن يبدأ نشر "قوة الاستقرار" مطلع العام المقبل، بعد بحث التفاصيل خلال اجتماع للقيادة المركزية الأميركية بمشاركة ممثلين عن عدد من الدول في الدوحة. ونقلت الوكالة عن مسؤولين أميركيين قولهم إن أكثر من 25 دولة يُرجح أن ترسل ممثلين عنها للمشاركة في الاجتماع، الذي سيتضمن جلسات لمناقشة هيكل القيادة والقضايا التشغيلية المرتبطة بالقوة، مؤكدين أن هذه القوة "لن تكون معنية بمواجهة حركة حماس عسكريًا"، وأن عدة دول أبدت استعدادها للمساهمة فيها.

وفي السياق ذاته، أفاد موقع "أكسيوس" بأن مندوب الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، أبلغ خلال زيارته الأخيرة إلى إسرائيل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومسؤولين آخرين بأن إدارة ترمب ستقود "قوة الاستقرار الدولية"، مع تعيين جنرال أميركي على رأس قيادتها.

ويستند تشكيل هذه القوة إلى قرار تبناه مجلس الأمن الدولي في 17 نوفمبر الماضي، منح تفويضًا لما يُسمى "مجلس السلام" في غزة، والدول المتعاونة معه، لتأسيس "قوة استقرار دولية" مؤقتة في القطاع.

وكانت القناة 14 الإسرائيلية قد ذكرت في أواخر نوفمبر أن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل موعدًا مبدئيًا لبدء انتشار القوة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعدًا لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، معتبرة أن هذه المواعيد "طموحة" وقابلة للتأجيل في ظل تعقيدات الواقع السياسي والأمني.

ويرى رئيس "المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية"، العميد سمير راغب، أن اجتماع الدوحة يهدف أساسًا إلى معالجة الفجوات القائمة، وعلى رأسها عدم تعيين قائد رسمي للقوة، وعدم وضوح مهامها وتسليحها، فضلًا عن عدم تشكيل "مجلس السلام" المكلّف أمميًا بالإشراف على القوة، إلى جانب الخلافات حول الدول المشاركة، خاصة في ظل الاعتراض الإسرائيلي على مشاركة تركيا.

وأشار راغب إلى أن الحديث عن نشر القوات مطلع العام المقبل يبقى مرهونًا بحسم الملفات السياسية والأمنية، موضحًا أن أي انتشار فعلي سيتطلب ترتيبات قد تستغرق شهرين على الأقل، في حال جرى التوصل إلى توافق سياسي شامل.

من جانبه، اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني نزار نزال أن اجتماع الدوحة يسعى إلى "تأطير الفجوات" أكثر من حلّها، لافتًا إلى أن القضايا العالقة تشمل طبيعة الانتشار، ومهام القوة، وعلاقتها بنزع سلاح حماس، والانسحابات العسكرية. وأوضح أن مشاركة 25 دولة في الاجتماع لا تعني بالضرورة موافقتها على الانخراط في القوة، وإنما تهدف إلى مناقشة الخطوط العريضة للتشكيل والتمويل.

وفي موازاة ذلك، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، خلال مشاركته في "منتدى صير بني ياس" بالإمارات، ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل "قوة الاستقرار الدولية"، وذلك خلال لقائه المدير العام لـ"أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية" والمنسق الأممي السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، بحسب بيان للخارجية المصرية.

وتأتي هذه التصريحات في وقت شددت فيه المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على أن هناك "تخطيطًا هادئًا يجري خلف الكواليس" للمرحلة الثانية من اتفاق السلام، مؤكدة أن الهدف هو التوصل إلى سلام دائم ومستقر.

ويجمع محللون على أن مصير المرحلة الثانية، وتشكيل "قوة الاستقرار"، سيظل مرتبطًا بنتائج اللقاء المرتقب بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المقرر عقده أواخر الشهر الجاري، والذي يُتوقع أن يكون حاسمًا في تحديد مسار المرحلة المقبلة وإنهاء الخلافات العالقة.